من فقه البيوع أحكام المال الحرام (الحلقة الأولى)

تمهيد
لما فرغنا “بحمد الله” من الكلام عن أنواع البيوع المحرمة ناسب ذلك أن نتكلم عن أحكام المال الحرام، وذلك أنه ربما دخل على المسلم من هذا المال بسبب مواقعة شيء من تلكم البيوع المحرمة أو بسبب غيرها من طرق الكسب المحرم، كالرشوة، أو الغصب أو السرقة، أو نحو ذلك مما هو أكل للمال بالباطل. وأيضا فإن المرء إذا سلم من تعاطي هذه المكاسب المحرمة فإنه قد لا يسلم من معاملة من يتعاطى ذلك. ومن ثم كان العلم بهذه الأحكام أمرا ضروريا ليكون المسلم على بينة من أمره.
وسينتظم كلامنا عن هذا الموضوع في المسائل التالية:
المسالة الأولى: تعريف المال لغة:
قال ابن منظور: المال معروف، ما ملكته من جميع الأشياء ومال الرجل يمول ويمال مولا ومؤولا إذا صار ذا مال وتصغيره مويل .
وقال ابن عبد البر: “المعروف من كلام العرب أن كل من تمول أو تملك فهو مال” .
المسألة الثانية: تعريف المال في اصطلاح الفقهاء
اختلفت عبارات الفقهاء في تعريف المال غير أنها تقاربت من جهة المعنى. وهي تدل بمجموعها على أن المال ما جمع عناصر ثلاثة: المنفعة، التمول، التملك .
وقد عرف الشاطي رحمه الله المال في كتابه “الموافقات في أصول الشريعة”(2/17) بأنه: “ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه”.
المسالة الثالثة: تعريف المال الحرام.
جاء في تعريف المال الحرام أنه: “كل مال حرم الشرع على حائزه الانتفاع به بأي وجه من الوجوه” .
وقيل: “هو ما لا يحل لمن يبين الانتفاع به إما لورود النص الصحيح الصريح بتحريمه، أو بالنهي عنه جزما، أو بعقوبة آكله” .
فإن قيل ما حرم الشرع على حائزه الانتفاع به لا تنطبق عليه صفة المالية فكيف سمي مالا؟ قيل إن إطلاق صفة المالية على هذه المحرمات إطلاق مجازي، ولذلك اعتبرت هذه المحرمات أموالا ناقصة لأن الملسم لا يجوز له تملكها وحيازتها. حال قيام صفة التحريم فيها .
وهذا في الأعيان المحرمة –كالميتة والخنزير والخمر ونحو ذلك- ظاهر، وأما الأموال التي هي مباحة في الأصل فإن قيام صفة التحريم فيها إنما باعتبار صفة الكسب، وهو ما سنبينه عند الكلام على أقسام المال الحرام في المسألة التالية.
وبالله التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *