شكوى أستاذة في التعليم الخصوصي ذ.الحسن العسال

ما إن سئِلت عن أوضاعها، حتى هبت كالعاصفة، وتلاطمت كالموج الهادر، من المعاناة المركبة التي يعيشها أستاذ التعليم الخصوصي، خصوصا الإناث منهم، فمن الحالة المادية المزرية التي يتخبط فيها، حيث لا تتقاضى هذه الأستاذة، الآن، وهي العاملة منذ سنوات، والمجدة المكدة باعتراف الجميع من مؤطرين وأساتذة ومديرة وآباء.

لا تتقاضى المسكينة إلا 2400 درهم، دون أي تعويضات بالطبع، لا عائلية ولا غيرها، بل التعويض يكون في الكدح دون مقابل. لأنها مثلا قد خضعت لتكوين في بيداغوجيا الإدماج، وكان عليها أن تُكَوِّن أساتذة مدرستها، ففعلت ذلك دون أي تحفيز مادي، يشجعها معنويا، ويعينها على مصاريف أسرتها، التي هي العائلة الرئيسة لها… -تشكو-، والمرارة تنطلق من كلماتها، عسى أن تجد صدى رحيما، يعاملها بالعدل لا بالفضل، وعلى الرغم من الشكوى، فإنها تموت هياما في مهنتها، لحبها الفطري للأطفال[1].
تقول أم بلال: إن الأجرة متفاوتة بين المؤسسات الخصوصية، بل وحتى على صعيد المؤسسة الواحدة، ولا أحد يدري ما المقياس المعتبر في ذلك، اللهم إن كان مزاج المدير. أما المردودية فقطعا لا دخل لها في الأمر.
وفوق كل هذا وذاك، لا حق للأستاذ في رخصة مرض، أو رخصة تشييع جنازة قريب، لأن غيابه سيؤجج حفيظة الآباء الذين لهم الكلمة العليا -دائما- في أي مشكل كانوا فيه خصما للأساتذة.
لذلك تتمنى أم بلال أن تكون لهم نقابة، تدافع عن حقوقهم، لأن حتى مكتب الشغل، لا ينصاع المدراء لقراراته إن وجدت. أما داخل المؤسسة فالاحتجاج والاعتراض ممنوعان، ولو بشكل فردي، ومن تجرأ، أو أبدى النية في ذلك، فمصيره الطرد!
وقد أكدت أم بلال أن مديرة مؤسستهم طردت هذه السنة ست أستاذات، مادامت مدة العقد لا تتجاوز السنة الواحدة فقط -تتجدد كل سنة- بالنسبة لجميع الأساتذة العاملين في المؤسسة، كي تكون المديرة في حل من القانون.. فهل ستكون في حل من الحساب يوم القيامة؟
وهنا أفتح قوسا لأقول: إن الملاحظ أن من يصبر أكثر على هذا الوضع هن النساء، “والجاني” ليس بالضرورة رجلا، فأين نزهة الصقلي لترفع عقيرتها منصفة هؤلاء المناضلات، أم لا هم لها إلا النيل من الهوية الإسلامية للنساء المغربيات!
أما بيداغوجيا الإدماج التي خضعت فيها أم بلال لتكوين، وكونت هي نفسها أساتذة مدرستها، فتشتكي من تناقض بين فهم المؤطر وفهم المديرة، مع أن الأخيرة لا تفقه فيه شيئا، لأنها لم تتلق أي تكوين، بل حتى المؤطر لم يستوعبه جيدا. ومع ذلك فأم بلال تشكو أشد ماتشكو من أسبوعي الإدماج، لأن الإرهاق يبلغ فيهما مداه، من كثرة إجراءات تطبيقه وتقويمه. على الرغم من التضارب وعدم الاستيعاب الآنفي الذكر، لأن هم المديرة هو التطبيق، ولا شيء غير التطبيق، من أجل إرضاء المسؤولين.
ومن حسنات هذه المديرة، أنها على -الأقل- تساوي بين اللغات، ولو أن المساواة بين اللغة الوطنية، وأقصد العربية الفصحى، واللغات الأجنبية ظلم، كما أنها -أي المديرة- تحظر التكلم بالعامية في الفصول الدراسية.
هذا ما سمح به المقام وإلا فالصدر مملوء، والشكوى كثيرة، فهل من منصف لجنود الخفاء هؤلاء، خصوصا المجندات منهم، الذين يذبلون، دون أن يلتفت إليهم أحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – هذا يذكرني بأحد أسباب نجاح التجربة الفنلاندية في التعليم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *