اعلم أن معرفة الله عز وجل ـ حقا وصدقا- توجب للعبد الخوف منه سبحانه والوجل.
قال أحمد بن عاصم رحمه الله: “من كان بالله أعرف كان له أخوف”.
قال ابن القيم رحمه الله معلقا: “ويدل على هذا قوله تعالى : (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية”. مدارج السالكين 3 /354.
ويعرف العبد ربه جل وعلا ـ أصالة ـ بالله تعالى فهو سبحانه المعرف بنفسه لخلقه, كما ذو النون المصري رحمه الله تعالى لما سئل: “بم عرفت الله ربك؟ فقال: عرفت ربي بربي، ولو لا ربي لما عرفت ربي”. المدارج 3 /356.
لكن هناك دلائل يستدل بها على هذه المعرفة و هي: آياته ومخلوقاته الشاهدة على قدرته وحكمته وعلمه المحيط بكل شيء, ومنها: الليل والنهار, والشمس والقمر كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). (فصلت)
ومنها:السموات السبع والأرضون السبع و من فيهن، وما بينهما كما قال تعالى:(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) الأعراف.
قال الناظم :
عرفته بالآي و المخلــــوق كالليل *** و السمــاء و البروق
دليله من سورة (الأعراف) *** و(فصلت) بها دليل وافـــي
والحاصل أن هذه الأيات المذكورة هي آيات عظيمة تدل عليه سبحانه, ولكن الإنسان غافل عن تدبرها، و لهذا فإن الله تعالى قد كرر هذه الآيات في سور من القرآن لأجل أن يصطحب الإنسان الذكر فلا يغفل و لا ينسى والله المستعان.
قال أحد السلف: “من أمارات المعرفة بالله: حصول الهيبة منه، فمن ازدادت معرفته ازدادت هيبته”.
و قال آخر: “من عرف الله تعالى ضاقت عليه الدنيا بسعتها”.
و قال غيره: “من عرف الله تعالى اتسع عليه كل ضيق”.
و قال أحدهم: “من عرف الله تعالى صَفا له العيش، فطابت له الحياة وهابه كل شيء، و ذهب عنه خوف المخلوقين، وأنس بالله”.