نشرت جريدة المساء في عددها ليومي السبت والأحد 22-23 أكتوبر 2011م ملفها الأسبوعي تحت عنوان “المساء تكشف الوجه المرعب للسياحة الجنسية في المغرب”، وقد اعتمدت لبيان ذلك على معطيات حصلت عليها تقدم عرضا تاريخيا لتطور مراحل السياحة الجنسية بالمغرب، وتضم بيانات إحصائية تتحدث عن أساليب السياح في ممارستهم الجنسية، كما تسجل المعطيات فراغا قانونيا لا يُمَكِّن من الحد من الظاهرة ومن ارتفاعها المهول، وتذكر هذه المعطيات جنسيات هؤلاء السياح والقضايا المتورطين فيها.
التاريخ والجنسيات والأغراض
بدأت الظاهرة في المغرب في عهد طنجة الدولية من طرف الأجانب القاطنين بها والمتحدرين من إسبانيا وفرنسا وإنجلترا بالأساس، في تلك الفترة انطلق ما يعرف بالدعارة الكولونيالية، ثم تفاقمت السياحة الجنسية في أواخر السبعينيات وبداية الثامنينيات، والسبب بداية وفود السياح الألمان والإسنكدنافيين والفرنسيين على مراكش وأكادير. كما صار المغرب وجهة للسياح الخليجيين الذين كانوا يطلبون المتعة الحرام في لبنان، فمنعتهم من ذلك الحرب اللبنانية.
وكان لفتح الحدود المغربية-الجزائرية في مطلع التسعينيات سبب آخر في تطور السياحة الجنسية في المغرب، كما تُبرِز معطيات «المساء». في تلك الفترة، تدفَّق عدد كبير من السياح إلى مناطق الأطلس، وتحديدا آزرو والحاجب وخنيفرة، من أجل ممارسة الجنس..
إلا أن الحدث الأبرز، الذي أنعش سوق السياحة الجنسية في المغرب، بشكل قياسي، هو الـ«تسونامي» الذي اجتاح دول جنوب شرق آسيا، والذي تبعه «تسونامي» سياحة جنسية أغرق الدول «المعتدلة»، ومن ضمنها المغرب، كما تقول المعطيات.
في سنة 2007 دُقَّ ناقوس الخطر عن ظاهرة السياحة الجنسية، بشكل أخص، في مدن مغربية مُستهدَفة بدرجة أولى، وهي أكادير، مراكش، الدار البيضاء، طنجة، الجديدة وشفشاون. أما الأشخاص المتورطون فهم من جنسيات: فرنسية، يليهِم الإسبان، البريطانيون، الألمان، ثم السويسريون، فالسعوديون ثم البلجيكيون، فالهولندليون.
أرقام صادمة تفضح السياح الجنسيين بالمغرب
تكشف المعطيات التي حصلت عليها «المساء»، بالاستناد على قضايا السياحة المسجلة في المغرب، أن 46 في المائة من السياح الجنسيين يوجدون في أكادير، وبعدَها مراكش، بنسبة 12 في المائة، فالدار البيضاء، بـ9 في المائة، وطنجة، بـ8 في المائة، والجديدة، بنسبة 6 في المائة، ثم ورزازات، بنسبة 5 في المائة، متبوعة بالرباط وتطوان، بنسبة 3 في المائة لكل منهما، أما نسبة 3 في المائة المتبقية فتتقاسمها مدن الناظور وسطات وفاس.
وتشمل 130 قضية سجلت في جرائم السياحة الجنسية، بالأساس، القِوادة وتسهيلَ البغاء، بنسبة 35 في المائة، وإعداد منزل للدعارة، بنسبة 18 في المائة، والشذوذ الجنسيَّ، بنسبة 15 في المائة، والتحريض على الفساد، بنسبة 12 في المائة، والتغرير بقاصر، بـ12 في المائة، أيضا، ثم الاغتصاب، بنسبة 8 في المائة.
ومن الأرقام التي تبين خطر هذه الظاهرة، فبعدما ضُبِط ثري فرنسي متلبسا مع قاصر يبلغ من العمر 14 سنة، تم حجز ما كان يوثقه من مغامراته الجنسية في أفلام وصور بورنوغرافية، وصل عددها إلى 117 ألف.
وفي شقة فرنسي آخر يدعى هيرفي لوغلونيك، الذي أوقف متلبسا، رفقة قاصر مغربي، وهما يشاهدان فيلم بورنو. حجز رجال الأمن أزيدَ من 100 ألف صورة وشريط فيديو ومجلة بورنوغرافية، وأسفر التحقيق عن اعتقال قرابة 50 قاصرا كانت تربطهم بالفرنسي علاقات جنسية شاذة.
وقبل أشهر، تَقدَّم بلجيكي شهير يملك سلسلة فنادق خاصة بالمثليين جنسيا عبر العالم بطلب إنشاء فندق في مدينة مراكش، ظاهره تقديم خدمات فندقية لعموم الزوار، أما الهدف الحقيقيّ من ورائه فهو استقبال وفود من الشواذ جنسيا من الذين يترددون على فنادق هذا البلجيكي عبر العالم.
السياحة الجنسية الخليجية في المغرب (زنا ولواط وشذوذ وبيدوفيليا)
وأما الخليجيون في أكادير فعند بعضهم قصور تقام فيها ليالي حمراء، وتستجلب لها عذراوات من دواوير المنطقة يبعن فيها عذريتهم بأثمان من قبيل 10 مليون سنتيم، ومن القوادات من يشترينهن من والديهن مقابل أموال باهضة ليتم نقلهن في حالة الإعجاب بهن إلى الخليج. كما يستمتع بعض هؤلاء السياح المنحرفين بممارسة اللواط مع القاصرين والمراهقين من الأطفال.
وليس الخليجيون هم بالأساس المغرمين ببمارسة الجنس مع الأطفال بل السياح الأوربيين مهووسون أكثر بذلك العفن، وهو ما نشط السياح الشواذ لزيارة المغرب، حيث كل أشكال الاستغلال موجودة بدون مراقبة ولا متابعة أمنية، بل الأطفال يعملون بعقود عمل للخدمة في الظاهر، والحقيقة أنهم يستغلون لتقديم الخدمات الجنسية في شبكات يسيرها أجانب ومغاربة، ويتم استقطاب طالبي اللذة إليها بطرق اتصال عصرية.
بالإضافة إلى الزانيات والأطفال الممتهنين للدعارة، تُنشِّط ليالي هذا النشاط العفن العديد من السحاقيات واللواطيين المستعدين لتقديم كل الخدمات مهما كانت شاذة لأجل الحصول على المال..، وتنشط العديد من شبكات الدعارة في مدينة أكادير، في الشوارع والفنادق والمقاهي والشقق والفيلات المفروشة، كل هذا يتم غض الطرف عنه من قبل رجال الأمن إلا في حالات معدودة بسبب شكايات المواطنين، أو عند حصول حالات اعتداء أو حادثة إجرامية..
ومما سجلته المعطيات والإحصائية الوطنية والدولية أن ارتفاع عدد الإصابات بداء السيدا يوجد في المدن التي تنشط بها الدعارة، وخصوصا الدعارة المرتبطة بالسياحة الجنسية، فأول منطقة تسجل أكبر عدد الإصابات هي جهة سوس ماسة درعة، وهي ذات نشاط سياحي جنسي مرتفع تتبعها مراكش فالدار البيضاء.
نتائج هذا التسيب الجنسي
كل هذه الأرقام والمعطيات تصف واقعا مرعبا لاستفحال ظاهرة السياحة الجنسية ولخطورة النتائج المترتبة عنها، والتي يمكن أن نسجل منها:
– ارتفاع عدد المصابين بداء السيدا والحاملين للفيروس؛ والذين بلغ عددهم أزيد من 22.000 حالة.
– ارتفاع عدد شبكات الدعارة الأجنبية والداخلية..
– استغلال الأطفال والقاصرين في تجارة الرقيق الأبيض..
– انتشار الأمراض المنتقلة جنسيا كالسيلان والزهري..
– ارتفاع عدد “الأمهات العازبات”، والأبناء غير الشرعيين.
– ظهور الميولات الجنسية الشاذة، حيث ارتفع عدد اللواطيين والسحاقيات..، إلى أن وصل الأمر إلى درجة تكوين تنظيمات وأنشطة خاصة بهم، كجمعية “كيف كيف”..
– تسجيل عدد من الجرائم المتعلقة بممارسة الزنا، كالقتل، والاغتصاب..
– دعوات لرحلات جنسية للشواذ، وتصوير مراكش على أنها صورة من صور مدن التايلاند..
– ارتفاع حالات الإجهاض اليومي التي بلغت في آخر إحصاء قرابة 1000 حالة يوميا..
– ارتفاع حجم الخيانة الزوجية بسبب السلوكيات المنحرفة الناتجة عن إغراء النساء واستغلالهن في سوق الدعارة الداخلية ومع الأجانب، وهو ما يتولد عنه في كثير من الحالات تشتيت بيت الزوجية، وتشرد الأطفال..
– تنظيم سهرات للرقص الماجن والتي توجت بإقامة مهرجان رقصة الصالصا (وهي رقصة جنسية) سنويا بمدينة مراكش..
– تنظيم حفلات وسهرات الجنس الجماعي (البوغا بوغا)، التي تنظم على إيقاع الموسيقى وتعاطي المخدرات والخمور..
من الذي مكن لارتفاع حجم هذه الظاهرة؟
– ضعف الوازع الديني والأخلاقي عند المغاربة المتعاطين.
– الاستهداف الكبير من قبل الأجانب للمغرب وجعله قبلة للسياحة الجنسية.
– انتشار الرشوة والفساد المالي الذي يمنع الأمن من القيام بواجبه وتطبيق القانون الذي يمنع من أي ممارسة جنسية خارج إطار الزواج، فكيف الحال بمن يزاول مهنة الدعارة بشتى أنواعها وأشكالها؟
– التسامح القضائي مع الجناة الأجانب، وعدم متابعتهم قضائيا إلا في حالات قليلة جدا، وتخفيف الأحكام على الزناة المغاربة..
– نشر ثقافة الإباحية من خلال الإعلام المرئي والمقروء والمسموع..
وهناك رافض مهم يعمل على إشاعة هذه الثقافة الإباحية، وهم المنظرون العلمانيون الذين يدعون إلى التحرر الجنسي من القيود الشرعية والقانونية، بل يذهب المنظر الجنساني عبد الصمد الديالمي إلى ضرورة حدوث انفجار جنسي في المغرب، لتحطيم كل تلك القيود..
ومنهم من يدعو إلى تقنين تعاطي الدعارة، وتنظيم هذا السوق على غرار ما يوجد في الدول الغربية العلمانية الإباحية، على اعتبار ضرورة إجاد متنفس لطالبي المتعة بعيدا عن قيود الشرع والأسرة والحياة الزوجية، وعلى اعتبار أن الدعارة صارت ثالث أهم نشاط مدر للأموال غير المشروعة في العالم بعد تجارة بيع الأسلحة والمخدرات.
لمثل هذه الدوافع والأسباب استفحلت عندنا في المغرب ظاهرة السياحة الجنسية، التي تحميها سياسة الانفتاح السياحي، وانعدام التدين وضعفه، والتسامح القضائي والقانوني مع الجناة والضحايا، والمنظومة الفكرية العلمانية..