التوحيد الخالص: (7)، توحيد الألوهية

فضائلـــه:
من أجَلُّ نِعم الله على عباده وأفضلها على الإطلاق: توحيدُ الله، وإفراده بالعبادة. وفضائل التوحيد وثمراته لا تعد ولا تحصى، فهي كثيرة تجمع خيري الدنيا والآخرة، ومن هذه الفضائل ما يلي:
1- أنها أول دعوة الرسل، فمن تأمل دعواتهم عليهم الصلاة والسلام ودعوة خاتمهم وإمامهم يظهر له ذلك جليا.
2- وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل، قال تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25].
3- وهي أول واجب يجب على المكلف إذ أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان.
4- أنه بسببها يتم حصول الاهتداء الكامل، والأمن التام في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].
5- أنها أول ما يدخل المرء به في الإسلام.
6- وآخر ما يخرج به من الدنيا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه أبو داود.
7- والتوحيد أعظم نعمة أنعمها الله على عباده، حيث هداهم إليه، كما جاء في سورة النحل التي تسمى سورة النعم، فالله عز وجل قدَّم نعمة التوحيد على كل نعمة، فقال في أول سورة النحل: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ) [النحل: 2].
8- وهو الغاية من خلق الجن والإنس: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56)].
9- والغاية من إنزال الكتب ومنها القرآن، قال تعالى فيه: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) [هود:1 -2].
10- أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع عقوبتهما كما في قصة يونس عليه السلام حين دعا بكلمة التوحيد؛ قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء:87-88].
11- أنه يمنع من الخلود في النار، إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبة خردل.
12- أنه إذا كمل في القلب يمنع دخول النار بالكلية كما قوله صلى الله عليه وسلم: “فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله” متفق عليه.
13- أنه السبب الأعظم لنيل رضا الله وثوابه.
14- أن أسعد الناس بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه.
15- أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها وفي ترتيب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت.
16- أنه يسهل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، ويسليه عن المصيبات؛ فالمخلص لله في إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات؛ لما يرجوه من ثواب ربه ورضوانه، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لما يخشى من سخطه وأليم عقابه.
17- أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب اللهُ لصاحبه الإيمان، وزيّنه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
18- أنه يخفف على العبد المكاره، ويهون عليه الآلام؛ فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح، ونفس مطمئنة، وتسليم ورضا بأقدار الله المؤلمة.
19- أنه يحرر العبد من رق المخلوقين، ومن التعلق بهم وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم، وهذا هو العز الحقيقي، والشرف العالي، فيكون بذلك متألهاً متعبداً لله، فلا يرجو سواه، ولا يخشى غيره، ولا ينيب إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه.
20- ومن فضائله التي لا يلحقه فيها شيء أن التوحيد إذا تم وكمل في القلب، وتحقق تحققاً كاملاً بالإخلاص التام فإنه يُصَيِّر القليل من العمل كثيراً، وتضاعف أجور صاحبه بغير حصر ولا حساب.
21- أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر، والعز والشرف، وحصول الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.
22- أن الله يدافع عن الموحدين شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم بالحياة الطيبة، والطمأنينة إليه وبذكره.
وشواهد ذلك من الكتاب والسنة كثيرة، فمن حقق التوحيد حصلت له هذه الفضائل كلها وأكثر منها، والعكس بالعكس. ([1])

([1]) انظر رسائل في العقيدة للدكتور الحمد ص178 وما بعدها وجهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (1/122) وما بعدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *