هذيان “الويشان” في “نيشان” بقلم: الدكتور إدريس كرم مسؤول الثقافة والإعلام برابطة علماء المغرب

التمسح بأذيال الغزاة والمستعمرين ليس بالجديد في تاريخ الأمم والشعوب, ورفض الغزو ومقاومة الانمحاء وفقد الهوية ليست بدعة من الفعل أو القول, والمتملقون والسماسرة وسفلة القوم لا تخلو منهم أمة ولا دين, كما أن هناك من يأكل بعرضه ويتمرد على خالقه فإن هناك من يتبع كل ناعق ونابح لغاية يريد تحقيقها, وهدف يريد بلوغه وينطبق ذلك على الذي أراد إضحاك الناس من خلال تجميع نكات تدور حول مقدسات المسلمين بدعوى أنها تعابير رائجة, ومماراسات دارجة, ليبرهن للناس أنهم كاذبون في تقديسهم لما يدعون تقديسه, مستخفون بما يريدون من الآخرين تقديره, ويعطي الدليل المادي لمناهي التشبث بتلك المعتقدات الإسلامية أنهم على صواب وأن الرابط الذي يشد الناس إليها شكلي لا يلبث أن يزول متى حط على المحك, وليس هناك أحسن من أنه يزاح ستار التكتم على تلك الممارسات اليومية للناس حتى يظهروا على حقيقتهم، فيتخلوا بذلك عن مقاومتهم، وبالتالي يسيروا في ركاب الغزاة المستعمرين والسماسرة والمداهنين, فيكسبون من وراء ذلك نياشين ويتربعون على سلطة موهومة لم يتكلفوا للوصول إليها شروى نقير.
هذه الأوهام وأضغاث الأحلام أدت إلى تضييع “نيشان”, وجعلت أصحابها ينتدبون أنفسهم لتجميع ما يضحك من قيم سرمدية وذات علوية قدسية منزهة الشريك والمثال, بحيث لا تدركها الأبصار ولا لها مثيل. من أجل بضع دريهمات أو نيشان يرفع في المناسبات, ويفسح لهم في المجالس والحانات, جزاءها فعل بمقدسات الأمة الإسلامية ورموزها العقدية والدينية من تسفيه وتبخيس, واصطفاف مع الذين يناصبون الإسلام والمسلمين العداء, متناسين أن ذلك الحكم قد مرت عليه القرون ولم يستوف عالم التحقق لأن الله تعالى متكفل بنشر دينه وإظهار سره وعظمته من خلال ما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين وهو ما يغيظ الكافرين والمنافقين.
لذلك نقول للويشان -الأطفال- الذين أخطأوا النيشان -الوسام- بأن الذي خلق الكون ودبره, وقدر الأقدار, ووقت الأعمار, وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين لا تضيره مفردات قيلت في حقه من سفلة أو جلة, ولا ينقص من جلاله ما ظن ويشان أنهم حازوا السبق في التنذر والتنكيت على ذاته العلية أو على رسله وملائكته, كما نقول لهم بأن هذا الانسفال الذي وصلوا إليه إنما يدل على إخفاف في التربية وخسران في التخلق, وسقم في النفوس, واختلال في القيم, بحيث لم يعد هناك وازع يقيم سلوك من يريدون التصدر للشأن العام, ومخاطبة الرأي العام, والمساهمة في صناعة الأفهام, مما يؤشر إلى منزلقات خطيرة ومهاوي سحيقة إن لم تتدارك, لن تسلم الأمة من المهالك.
أما ما قصد من ذلك الملف من تبخيس واستصغار, وسخرية وامتهان, فإن الله تعالى أسمى وأقدر, وإن رسوله عليه السلام أشرف وأكرم, وأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار, والله غالب على أمره, ولن يضره هذيان ويشان في نيشان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *