أبو بكر بن الطاهر بن حجي زنيبر السلاوي (1301-1376هـ/1883-1956م)

أبو بكر زنبير ولد بسلا في السنة الأولى من القرن الرابع عشر الهجري، العلامة المطلع المشارك المقتدر الكاتب البارع، كانت له اليد الطولى في النوازل وفروع الفقه المالكي وفهم نصوصه كما يجب، ترد عليه الوفود من جميع أنحاء المغرب لأجل الإفتاء، مع التحرير.
دراسته
تعاطى رحمه الله الدراسة في سن مبكرة، وبعد أن حفظ القرآن والمتون، اعتكف وثابر على الدراسة والتحصيل حتى صار له إلمام بعلوم الفقه والنحو والحديث والمنطق والتاريخ، وزيادة على هذه العلوم التي كانت تدرس في زمانه، كان يكرس كل أوقات فراغه لمطالعة المكتب الحديثية، والمجلات الوافدة من الشرق والجغرافية العامة، وعلم الاجتماع والسياسة، وكان بهذه الوسائل يزيد دائما في معلوماته باحثا عن الحقيقة العلمية سواء في بطون الكتب والمجلات، أو بالمذاكرة والمناقشة مع مختلف المثقفين.
مشايخه
كان رحمه الله ملازما لبعض علماء العدوتين ويحضر دروسهم، وأهمهم: الشيخ أحمد بن الفقيه الجريري، والشيخ أحمد الناصري مؤلف كتاب الاستقصا، والشيخ عبد الله بن خضراء، والشيخ الطيب الناصري، والشيخ أبي شعيب الدكالي وغيرهم.
مناصبه
تنقل رحمه الله في عدة مناصب منها خطة العدالة بالبيضاء وسلا، والقضاء بمدينة سطات، ثم بتاوريرت في المغرب الشرقس، ثم بسيدي قاسم، وسيدي سليمان ناحية الغرب، ونظرا لما كان يتصف به رحمه الله من حرية في أعماله وأقواله وأفكاره، واستقامة مباشرة أشغال القضاء المنوطة به تبرمت منه سلطات الاحتلال وللأمرت بإعفائه من منصبه حوالي سنة 1924م.
تواليفه
منذ إعفائه من منصبه تفرغ رحمه الله للدراسة والإفتاء والتأليف ومقاومة الاحتلال، كما انه كان يلقي دروسا بالمساجد وأحيانا بمنزله، وكان يكتب بالصحف والمجلات في الفقه والاجتماع والسياسة والحضارة بوجه عام، وزيادة على المقالات التي توجد على صفحات المجلات والجرائد، فقد ترك رحمه الله عدة مؤلفات جلها مخطوطة أهمها: تفسير للقرآن الكريم سماه “إرشاد الله للمسلم الغافل عن الله” في مجلدات، وكتاب ضخم سماه “جهود الإسلام في ترقية الأنام” وهو مطبوع، و”نظرات في تطور تاريخ التعليم”، و”الصداق والمهر”، وله كتاب في “الحجاب الشرعي، ومجموعة من الفتاوي الفقهية، ومذكرة حول تعلم الفتاة.
سلفيته
كان رحمه الله من دعاة الفكر الإصلاحي ورموزه، وعياً منه أن هذا المنحى أصبح واجبا ينبغي سلوكه والقيام به، من أجل صالح الإسلام وأمته، وفي هذا يقول: “قصدت به خدمة الإسلام والأمة الإسلامية وأن أكون من أهل الإصلاح العاملين على ربط المستقبل بالغابر، ووصل حلقات ما تقدم من الزمان بالحاضر”. وقد وظف لذلك كل كفاءاته العلمية، ومؤهلاته الشخصية، فشملت جهوده الإصلاحية مختلف المجالات: السياسية والاجتماعية والتعليمية، وكثير من القضايا المطروحة على الساحة آنذاك.
كما كان رحمه الله من جملة العلماء الذين قاوموا الاحتلال بأقلامهم، فإنه من الأوائل الذين أنشأوا العرائض المنددة بالاحتلال، والتي جعلت الرأي العام الوطني ينخرط في درب المقاومة والإيمان بالحق في الحرية، وتزعم بسلا الحركة المناهضة للظهير البربري سنة 1930م، والذي استهدف منه المستعمر تفريق وحدة المغاربة وتشتيت شملهم.
هذا النشاط المتوالي دفع سلطات الحماية إلى اعتقال أبي بكر وابنيه الطاهر ومحمد، فامتحنوا جميعا امتحانا عسيرا، وكان ذلك بعد تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944م.
وفاته
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء ثاني ربيع الثاني سنة 1376هـ الموافق لـ 6 نونبر سنة 1956.
انظر أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا، إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *