تقي الدين الفاسي (775-832هـ/1429-1373م)

هو الشريف محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن، تقي الدين أبو عبد الله، وأبو الطيب الإدريسي الحسني الفاسي المكي، الحافظ، الفقيه، المؤرخ، قاضي المالكية بمكة، مفيد البلاد الحجازية وعالمها، العلامة الناقد، النسابة.
ولد في ليلة الجمعة العشرين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة، وقضى نشأته الأولى بالمدينة النبوية؛ ثم رجع إلى مكة -حرسها الله تعالى- وهو شاب، فبدأ في طلب العلم على الشيوخ المكيين والمجاورين، وفي سنة 789هـ حفظ القرآن وصلى بالناس التروايح بالمسجد الحرام، وتفقه بالفقه المالكي، ثم رحل في طلب الحديث إلى مصر والشام واليمن وغيرها، وبرع في التاريخ وتقدم حتى أصبح ممن يشار إليه بالبنان في هاذين العلمين.
وحبب إليه سماع الحديث فسمع على المسند أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقي المعروف بابن الرسام المنتخب من مسند عبد بن حميد ثم صحيح البخاري ومسند الدارمي وسنن النسائي وسنن ابن ماجه وعدة أجزاء، كما أنه سمع على شهاب الدين القرافي صحيح مسلم وجامع الترمذي وسنن أبي داود، وعلى القاضي علي بن أحمد النويري الموطأ لمالك برواية يحيى بن يحيى، وقرأ على العراقي شرحه لألفيته في الحديث المسماة بالتبصرة، كما أنه قرأ على البلقيني وابن الملقن والهيثمي والتنوخي وغيرهم، واعتنى بأخبار بلده فأحيا معالمها وأوضع مجاهلها وترجم أعيانها فكتب لها تاريخا حافلا.
قال ابن حجر: رافقني في السماع كثيرا بمصر والشام واليمن وغيرها، وكنت أوده وأعظمه وأقوم معه في مهماته، ولقد ساءني موته وأسفت على فقد مثله.
لم يكن الحافظ تقي الدين الفاسي ضابطًا ومتقنًا لأنساب الأشراف فقط، بل كان ضابطًا ومتقنًا لأسماء وأنساب رجال الحديث والعلماء ووفياتهم، وقد شهد بحفظه وضبطه لأسماء الرجال، الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي(ت842هـ)، فقال: “الفاسي، كان ذا حفظٍ سيّال، ومعرفة جيدة بتراجم الرجال”، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ): “الفاسي، كان حافظًا للأسماء والكنى، ذا معرفة تامة بالشيوخ والبلدان”، وقال الحافظ محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي(ت871هـ): “الفاسي، كان يملي من حفظه المجلدات في معرفة أسماء الرجال، وتراجمهم، وطبقاتهم”.
مؤلفاته
من كتبه “العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين-ط” ثمانية مجلدات، على حروف الهجاء، ضمنه مبحثا نفيسا جدا في عقيدة ابن عربي الطائي وأقوال أهل العلم فيه، مبينا ضلاله وكفره وزيغه عن الصراط السوي المستقيم.، و”شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام-ط” منتخبات منه، ومختصره “تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام- خ” وسماه أيضا “عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى-خ” ومختصر المختصر “تحصيل المرام-خ” و”المقنع من أخبار الملوك والخلفاء-ط” القسم الأول منه و”ذيل كتاب النبلاء للذهبي” مجلدان، “وسمط الجواهر الفاخر-خ” في السيرة النبوية، مجلد ضخم في خزانة الرباط، و”إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك”، و”مختصر حياة الحيوان” للدميري، واشترط في وقف كتبه ألا تعار لمكي، فسرق أكثرها وضاع.
وفاته
مات رحمه الله ثالث شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بمكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *