وصية حامل مفاتيح الكعبة.. كاتب “الأحداث” الذي أراد أن يجري (ضربة مقص) فبتر أصبعه لحسن بنهرو

هناك بعض الأشخاص أصابهم داء الغرور؛ وحسبوا أنه بوسعهم الحديث عن كل شيء والخوض في كل موضوع؛ مثلهم كمثل ذلك المغرور الذي حسب أنه يحسن “ضربة مقص” رغم أنه لم يحمل يوما مقصا، ولم يجر فترة تدريب عند خياط، فما كان من أمره إلا أن تسبب في أذى نفسه وبَتر أحد أصابعه.
فحال هذا المغرور -للأسف الشديد- هو حال كثير من صناع الرأي العام من الصحفيين وغيرهم؛ الذين يدَّعون ما لا يعلمون؛ ويخوضون في ما لا يُحسنون؛ ويقتحمون العقبة ويدَّعون المعرفة العميقة بالدين وبخبايا الملتحين “الوهابيين”!! -زعموا-، فيخلطون الحق بالباطل والحابل بالنابل.
وقد نشرت يومية “الأحداث” في عددها:4625 (30 مارس 2012) في ركن ضربة مقص؛ مقالا لبوطيب الحانون بعنوان (مواجهة الفكر الخرافي.. ضرورة وطنية)؛ حكى فيه أنه تلقى ورقة من أحد الملتحين الذين غرر بهم “من طرف بعض السلفيين، الذين ألفوا استغلال عباد الله الطيبين، وتسخيرهم للقيام بأعمال لا يفقهون فيها شيئا..”.
ووصف الورقة التي قدمها له الشخص الملتح بـ”وصية من عيار اللغو الفضفاض، الذي ما انفك بعض الشيوخ يمطرون به الخلق تزلفا لشيء أو لأشياء لا نعلمها، ظاهرها ديني وباطنها سياسي، يروم نشر الأفكار الوهابية..”.
والوصية التي تحدث عنها الحانون هي رسالة قديمة تنسب إلى حامل مفاتيح الكعبة، الذي رأى فيما يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بعدة أشياء وأحداث ستحدث في الدنيا، وأن من نسخ الورقة 25 مرة ووزعها على الناس كي يستفيدوا منها فسيجازى بالتوفيق والنجاح والشفاعة، وأما من أهملها فسيحرم من الشفاعة وستحل به مصيبة.. إلى غير ذلك..
ونحن في الحقيقة لا نستغرب هذا التحامل الكبير والتجن الواضح على السلفيين من قبل “الأحداث”؛ فكاتبها (المحنك)!! لم يتورع في اتهام المقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباع السلف الصالح بتوزيع هذه الورقة، ورماهم مباشرة بالتهمة الجاهزة: الوهابيين؛ المتطرفين؛ المستغلين الدين في السياسة؛ وكأنها تهمة!!
وحتى يتحلى هذا الكاتب بشيء من الاتزان والتعقل؛ ويقلع على أن يخوض فيما لا يعلم ولا يفقه، نسوق له فتوى وموقف، ممن يعتبرهم هو وأمثاله من الوهابيين المتشددين، ونعتبرهم نحن من كبار علماء الدين.
فهذا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى مفتي المملكة العربية السعودية سابقا؛ لما سئل عن هذه الورقة أجاب:
(هذه النشرة وما يترتب عليها من الفوائد بزعم من كتبها وما يترتب على إهمالها من الخطر كذب لا أساس له من الصحة، بل هي من مفتريات الكذابين، ولا يجوز توزيعها لا في الداخل ولا في الخارج، بل ذلك منكر يأثم من فعله، ويستحق عليه العقوبة العاجلة والآجلة، لأن البدع شرها عظيم وعواقبها وخيمة.
وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة، ومن الكذب على الله سبحانه وقد قال الله سبحانه: (إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ” متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ ” رواه مسلم.
فالواجب على جميع المسلمين الذين تقع في أيديهم أمثال هذه النشرة تمزيقها وإتلافها وتحذير الناس منها، وقد أهملناها وأهملها غيرنا من أهل الإيمان فما رأينا إلا خيراً.
وإن من كتبها ومن وزعها ومن دعا إليها ومن روجها بين الناس فإنه يأثم، لأن ذلك كله من باب التعاون على الإثم والعدوان، ومن باب ترويج البدع والترغيب في الأخذ بها. اهـ (فتاوى إسلامية ص:501-502).
أما الفقيه ابن عثيمين فقد مزق هذه الوصية المزعومة أمام الحضور وتبرأ من تلك الورقة الخرافية.
فالسلفيين أتباع دليل؛ لا خرافات وأباطيل، والأحكام عندهم -كما هي عند باقي علماء المسلمين- لا تثبت بالرؤى والأحلام، إنما وفق قواعد التشريع المعروفة.
لكننا تعودنا هذه الأيام من العلمانيين اتهام السلفيين دون بينة ولا دليل، فهذا (سلفي يقتل يهوديا بفاس)!! و(سلفيين يجردون فتاة من ثيابها بحي السويقة في الرباط)!! و(ميلشيات سلفية تقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحاجب وغيرها)!! إلى غير ذلك من الأحكام الجاهزة والتهم المعلبة التي تنادوا بها مصبحين لتخويف الناس من دعاة الحق والتمسك بالكتاب والسنة؛ لكن هيهات هيهات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *