قرون العلمانيين تتكسر على جبل الإسلام ذ. أحمد اللويزة

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن الإسلام دين الله الحق الذي ارتضاه للإنسانية جمعاء، يوجه تدينها ويسوس دنياها، وأشهد أنه الدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، وأشهد أنه الدين الذي لم ينطفئ نوره؛ وقد حاربه من بأقطارها على اختلاف عقائهم وأفكارهم ومصالحهم، ولم يدخروا جهدا في محاربته ولم يتركوا سبيلا إلا سلكوه؛ ولا وسيلة إلا ووظفوها من أجل ذلك، فلم تكتحل جفونهم بنوم خوفا من الإسلام أن ينبعث من جديد.
وقد كان الاستعمار أقصى ما اعتمدوه لطمس الإسلام ومعالمه في بلاد المسلمين، ولما كان هذا الدين دين الله الحق، وانهزم هذا الاستعمار أمام داعي العقيدة والإيمان المتوهج في قلوب المسلمين، تفتقت عبقريته عن إنتاج وجوه من المنافقين يحملوا عنه المشعل لبلوغ الغاية.
فترك جيوبه تقاوم الإسلام بلغتنا وألسنتنا، ولم يبخلوا عليهم بمال أو دعم، واستمر الأمر ردحا من الزمن تتعاون يد الاستعمار الخارجي ويد الأذناب بالداخل، والهدف هو القضاء على مولود الصحوة الاسلامية ومظاهرها، عبر حرب فكرية وثقافية استعملت فيها قذائف المصطلحات الماكرة من قبل الحداثة والتحضر والتقدم والرجعية والظلامية وحقوق المرأة والمساواة ومحاربة الإرهاب والتطرف.. واللائحة طويلة يصعب حصرها لتناسلها من معاهد وضعت خصيصا لصناعات المصطلحات الزائفة وترويجها عبر وسائل الاعلام التي هي سلاح آخر صعب الوقع والتأثير، ومن خلال برامج إباحية ومميعة؛ فنية وثقافية وإعلامية وتعليمية واقتصادية، وفجور سياسي وأمني مفروض، لكن تعب القوم وكل جهودهم تسعى للقضاء على الإسلام، وكل تناجيهم حذاري أن تغفلوا فيعود الإسلام من جديد.
إن المتتبع لهذه الحرب الشرسة الضروس التي كانت بمعاول محلية تولى كبرها بنو علمان ممن باعوا كرامتهم ودينهم وخانوا أممهم وشعوبهم، والمتفحص لضخامة الإمكانيات المرصودة لهذا الغرض اللئيم يصاب بالدهشة ومنتهى الانبهار حين يرى أن القوم قد انتهى حسابهم إلى صفر، وها هو الإسلام ينبعث من تحت الرماد، وها هي الفرائص ترتعد والقلوب ترتجف والأفكار تضطرب، وكأني بالقوم في النزع الأخير يحاولون الفرصة الأخيرة أن ينقدوا المشروع العلماني المتآكل، ولكن هيهات هيهات، فإن من يقف أمام إرادة الله معاندا كسر الله ظهر وجعله ذكرا عابرا، وللأولين والآخرين مثلا سائرا.
الإسلام اليوم على كل لسان ويطرق كل المسامع، وبدا للعلمانين من الله ما لم يكونوا يحتسبون، حيث فضحهم على رؤوس الأشهاد قدرا وقضاء منه سبحانه؛ بعد أن طغوا وتجبروا وافترشوا الأرائك يضحكون نشوة من انتصار زائف، تجلى سرابا بين عشية وضحاها، وفرَّ إمامهم في العالم العربي ابن علي من تونس موطن التطرف العلماني الذي كان مثلا يحتدى عند الكثيرين من أعداء الإسلام، وإذا ما سموه الربيع العربي يستحيل خريفا علمانيا، وربيعا إسلاميا أظهرت من خلاله الشعوب حقيقة الانتماء إلى الإسلام رغم ما تعرضوا إليه من تطهير أخلاقي وديني، بشكل أبهر العلمانيين الذين اطمأنوا على مستقبلهم؛ وآنسوا من أنفسهم ثقة في أن معالم الإسلام قد طمسوها كما رسم لهم أسيادهم في الغرب الذين غمرتهم نفس الدهشة، وإذا بالقوم يتلاومون من أين خرج هؤلاء؟!
وماذا كنتم تعملون كل هذه العقود؟!
نعم كانوا يسمنون الأرصدة والحسابات على حساب الكرامة والدين والأوطان، ولكنهم ما علموا أنهم يواجهون دينا ارتضاه رب الأرض والسماء، وهو وليه من دون الناس.
إن الذي يعرفه العالم اليوم والإسلامي منه على الخصوص، أسقط آخر أوراق التوت عن سوأة العلمانيين التغريبيين، وأزال عنهم الأقنعة البراقة، وعلم البادي والحاضر قبح سرائرهم وخبث نواياهم “وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكُمْ فَلَعَرَفْتُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُم فِي لَحْن الْقَوْل” محمد.
لكنهم اليوم لم يعودوا يكتفون بلحن القول، وصاروا يصرحون بالصوت العالي والفم المليان بحقدهم وكراهيتهم لكل ما هو إسلامي أو يمت للإسلام بصلة. وصارت فضائحهم نارا على علم، يسير بذكرها الركبان، ويتنذر بها الجلساء والخلان، في كل منتدى وناد.
هذه الحقيقة بدت ساطعة كالشمس في ضحاها والقمر إذا تلاها، لكن العميان ببريق حضارة الغرب لا يبصرون، أو لا يريدون الاعتراف بالهزيمة بعد عقود من حرب الإسلام ومظاهره، وطمس الهوية وآثارها.
فالواقع يدعوهم بكل جرأة وشجاعة لو بقي فيهم منها شيء -وقد باعوا ذممهم للآخر- أن يتوبوا إلى الله وأن يستحيوا من أنفسهم ويستروا عوراتهم بالانزواء والتفكير، وبعدها المصالحة مع الذات والدين والوطن والأمة، وليعلموا أن هذا دين الله؛ وللدين رب ينصره ويحميه “وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ“، ولو كره أزلامهم في العالم الاسلامي.
كما يدعو ما يقع اليوم كل مسلم أن يلتزم بشرع ربه ويعتز بإسلامه وأن يبرهن على صدق انتمائه، فالزمان يدور دورته والعاقبة للمتقين. وكسر الله قرون بني علمان، ودام الإسلام جبلا شهما شامخا راسيا لا يؤثر فيه مكر الماكرين ولا محاربة الحاقدين، أفلا يكفي هذا ليضع بنو علمان أسلحتهم التي يحاربون بها الإسلام، ويريحوا أنفسهم لأنه بلا شك ستكون جهودهم عليهم حسرة وسوف يغلبون وليست هذه إلا البداية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *