شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص:
ما لم تك الهمزة ذات الثقــــل بعد صحيح ساكن متصـــــــل
فإنه يقصره كالقــــــــــــرآن ونحو مسئولا فقس والظمئان
ويــاء إسراءيل ذات قصـــــر هذا الصحيح عند أهل مصـــر
وألفُ التنوين أعني المبدلـــة منه لدى الوقوف لا تمد لـــه
وما أتى من بعد همز الوصل كإيت لانعدامه في الوصـــــل
وفي يواخذ الخلاف وقعــــــا وعاداالاولى وءالان مــــــعا

في هذ الأبيات تعرض الناظم رحمه الله تعالى إلى مستثنيات التوسط في مد البدل لورش.
فعندما قال: (وعن ورش توسط ثبت) ذكر هنا ما يقرأ بالقصر وهو عشرة ألفاظ
الأول: الهمزة الواقعة بعد حرف صحيح ساكن متصل بها في كلمة نحو: لفظ (القرْءان) كيفما كان و(الظمْئان) و(مسْئولا) كيفما كان (ومذْءوما)
وإليه أشار بقوله: (ما لم تك الهمزة ذات الثقل بعد صحيح ساكن متصل…)الخ
وقوله: (بعد صحيح) قيد يخرج ما إذا كان ما قبل الهمز حرف مد ولين نحو: (جاءانا) و(النبيئين) ويخرج كذلك ما إذا كان ما قبل الهمز حرف لين نحو: (سوْءات) و(الموْءودة) فهذه بالتوسط على أصلها كما نصه عليه الداني في إيجاز البيان حيث قال: (التمكين فيها مطرد)
وقوله: (متصل) قيد يخرج المنفصل نحو: (من ـ امن) وشبهه و(الآخرة) وشبهه فإن هذه وإن اتصلت في الخط فهي في تقدير المنفصل لأن الألف واللام زائدتان على بنية الكلمة.
وقوله: (فإنه يقصره) أي: فإن ورشا يقصر حرف المد في هذا الموضع والقصر في هذا الموضع بلا خلاف
وقوله: (ونحو مسئولا فقس) أي: قس أيها الطالب نحو مسئولا عليه وذلك كلفظ (مذؤوما).
الثاني: ياء (إسراءيل).
وإليه أشار بقوله (وياء إسراءيل ذات قصر هذا الصحيح عند أهل مصر) وقصر ياء إسراءيل بلا خلاف.
وقوله: (هذا الصحيح) أي: أن قصر ياء إسراءيل هو الصحيح لأنه مذهب أبي عمرو الداني وغير الصحيح هو الإشباع وهو مذهب شريح ومكي القيسي.
وقوله: (عند أهل مصر) أي: عند ورش وأصحابه من المصريين.
الثالث: الألف المبدل من التنوين عند الوقف ويخص ما كان مهموزا منصوبا نحو: (ملجأ)(خطأ)(نداء)(هزؤا) (شيئا)(متكأ) وغيرها.
وإليه أشار بقوله (وألف التنوين أعني المبدلة منه …) الخ.
فعند الوقف على مثل هذه الألفاظ يبدل التنوين ألفا فيصير بعد الهمز ألف هكذا (شيئا) (ماءا).
1وسبب القصر هنا لأن الألف بعد الهمز عارض .
وقوله: (المبدلة منه) أي: المبدلة من تنوين الهمزة.
وقوله: (لا تمد له) أي: لا تمد لورش مدا متوسطا.
الرابع: المد الواقع بعد همزة الوصل عند الابتداء بهمزة الوصل نحو (إيت ـ إيتنا ـ إيتوا) و(أوتمن) و(إيذن لي).
وإليه أشار بقوله (وما أتى من بعد همز الوصل كإيت …)الخ.
فهذه الكلمات أصلها (إئت)(أؤتمن)(إئذن) فالهمزة الأولى همزة وصل والثانية همزة أصل قد أبدلت حرف مد إبدالا واجبا.
فعند وصل القراءة تسقط همزة الوصل الأولى ويبقى المد طبيعا لانعدام سببه الذي هو الهمز.
وإذا ابتدأنا بهذه الألفاظ تصير هكذا (إيت) (أوتمن) (إيذن لي).
وسبب القصر هنا هو أن ألف الوصل عارض والعارض لا يعتد به.
الخامس: لفظ (يواخذ) وما جاء منه كـ (تواخذنا) و(يواخذكم).
السادس: لفظ (الأولى) من قوله تعالى (عادا الاولى) بسورة النجم .
وقوله: (عادا الاولى) قيد ليخرج بذلك غيره من لفظ (الاولى) أينما وقع فهو بالتوسط في المشهور على الأصل ويجوز قصره والخلاف في إشباعه.
السابع والثامن: (ءالان) في موضعين بسورة يونس (ءالان وقد عصيت) (ءالان وقد كنتم).
ومراد الناظم في (ءالان) المد الثاني أي: الذي بعد اللام.
وإلى هذه الثلاثة أشار بقوله: (وفي يواخذ الخلاف وقعا وعادا الاولى وءلان معا).
وقوله: (الخلاف وقعا) أي: وقع الخلاف عن أبي يعقوب في هذه الألفاظ الثلاثة.

2قلت: أما (يواخذ) فقد حكى الإجماع الإمام الداني على قصره وتنصيص الناظم على الخلاف فيه إنما هو شيء فهمه .
4وأما (عادا الاولى) فقيل بالتوسط وقيل بالقصر وقد أخذ الداني فيه بالوجهين 3 والقصرهو المقدم .
6وأما (ءالان)5 في الموضعين فهما مستثنيان .
وقول الناظم: (وءالان معا) قيد أي: المسبوقين بالاستفهام بسورة يونس ليخرج نحو:(الان جئت) (الان حصحص) فهذا بالتوسط في المشهورعلى الأصل ويجوز قصره والخلاف في إشباعه .
إضافة:اعلم أن لفظ (القرءان) و(الظمئان) و(إسراءيل) و(إيت) و(ءالان) إنما يجب قصر البدل فيها وصلا وأما عند الوقف عليها فتجري فيها 7الأوجه الثلاثة للمد العارض للسكون .
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
————
1- بخلاف الوقف على نحو: (رأى القمر) و(تراأى الجمعان) و( تبوءو الدار) فحرف المد فيها أصلي فالمشهور فيه التوسط وفيه القصر أيضا والخلاف في الإشباع وقد مضى بيان هذا.
2- ولعله تبع فيه الشاطبي والشاطبي ربما فهم الخلاف من عدم استثناء الداني له في كتابه التيسير مع استثنائه في جامع البيان وإيجاز البيان فاستنتج من مجموع هذين النصين الخلاف.
وقد اعترض عليه أبو شامة في إبراز المعاني ص 118 قائلا: فقد نص الداني على أن استثناء يواخذكم مجمع عليه فكان يلزمه ذكره في كتاب التيسير ثم قال: وزاد بعضهم ثلاثة أحرف في ( آلان) في الموضعين في يونس، و(عادا الأولى) في النجم. فهذه الثلاثة هي التي جعلها الداني من استثناء بعضهم فأدخل الشاطبي فيها (يؤاخذكم) لما رأى بعض المصنفين قد قرنها بهن. اهـ.
3- فقد قال في كتاب رواية ورش من طريق المصريين: وأما ( عاد الاولى ) فإني آخذ له بزيادة التمكين وتركه .
4- وروي فيه الإشباع لكن في مذهب شريح.
5- يتصور في مدي ( ءالان ) اثنا عشر وجها لورش في الوقف تسعة أوجه مع إبدال الأول وهي ( القصر فيهما) و (التوسط فيهما) و(الإشباع فيهما) و( قصرالأول مع توسط الثاني ) و( قصرالأول مع إشباع الثاني) و( توسط الأول مع قصرالثاني ) و( توسط الأول مع إشباع الثاني ) و( إشباع الأول مع قصرالثاني ) و( إشباع الأول مع توسط الثاني).
وثلاثة أوجه مع التسهيل وهي: ( تسهيل همزة الوصل مع قصر الثاني وتوسيطه وإشباعه).
والمشهور فيه لورش على مذهب الداني هو توسيط الأول مع قصر الثاني.
6- ستثناهما الداني في جامع البيان ولم يستثنهما في التيسير ونص في مفرداته وفي إيجاز البيان على الخلاف فيهما (انظر النشر للجزري 1/354).
7- وذهب ابن آجروم إلى أنه يبقى على القصر حتى في الوقف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *