البرلمان الفرنسي يناقش المسألة المغربية

(نقلا عن مجلة إفريقيا الفرنسية سنة 1909م / ص:47)
في مناقشة حول السياسة الفرنسية بالمغرب بمناسبة مناقشة القرض الجديد والميزانية العسكرية التي ارتفعت إلى 48 مليون فرنك، المناقشة انطلقت في 23 دجنبر 1908م بطلب من وزير الخارجية “بيشون”، وبعد افتتاح الدورة في يناير 1909م لجوابه عن الاستجواب الذي قدم في الموضوع، حيث قال: ما هي الوضعية الحالية بالمغرب؟
جميع القوى الدولية متفقة على التعامل مع السلطان الجديد حالا، وسننطلق معه أيضا في ظروف سبق أن شرحتها في لقاءات من قبل، وأصرح اليوم بأن انطلاقتنا هذه مبنية على الثقة والصداقة المتبادلة.
لم نكن أعداء أبدا لمولاي عبد الحفيظ، بل هو الذي كان يعادينا، ويبدو أن شعوره اليوم قد أصبح مختلفا وأنا أهنئه بذلك، سننطلق معه إذن في المحادثات التي سبق أن أعلنتها أمام المجلس والتي ما زلنا ملتزمين بها.
في الجلسات التي تمت ما بين 15 و18 من يناير 1909م، بين السيد “جولي دولافوس” بإتقان المجهود السياسي والعسكري الذي بذلناه في المغرب لإيجاد حل غير الذي حدث، وبين أن فوز مولاي حفيظ يعتبر خيبة أمل وفشل بالنسبة لنا ولجهودنا ويظهر الهدف الحقيقي للسياسية الألمانية، مضيفا بأنه يجب أن نتجرأ على قول: (إننا لا نريد غزو المغرب، ولا نريد أن نتونسه -نجعله مثل تونس- أي نضعه تحت الحماية الفرنسية كما فعلنا بتونس).
نحن ننتظر تنفيذ الالتزام الإقليمي ونوع السياسة بالمغرب لكن لا نريد أبدا ولا نرغب في السماح لأي قوة أجنبية أن تندس هناك بشكل سري لتقيم مشروع مستعمرة مستقبلية فوق التراب المغربي في ظهر الجزائر الفرنسية، هذا ما لا نريده ولا نقوى على تحمله.
أذكركم الآن بالوضع المحزن الذي كان ينقصنا في فترة العداء والغزو العسكري الذي كان الوسيلة الوحيدة التي تعبد للوضعية القائمة والتي نجحنا فيها.
اليوم الذي يرحل فيه الجنود الفرنسيون عن التراب المغربي سيلحظ السلطان ومخزنه أن الأمان الذي وضع في الوقاية الألمانية كان زائفا، لأن الألمان نفسهم مثل بقية الدول الأخرى التحموا مع القوات المتقدمة الفرنسية لذلك عاد عبد العزيز نحونا يطلب دعمنا.
هل تريدون أن نذكركم بالوضعية المغربية في الوقت الذي أطلقت قواتنا النار عند وصولها للتراب المغربي، وأين كانت بواخرنا التي منعت من الرسو في ميناء الدار البيضاء؟
الأوربيون قتلوا هناك، والفوضى كانت عامة والأمن مفقود، والسلطة المحلية ضعيفة وعاجزة ومتآمرة، كلفنا بالإجماع بإنشاء البوليس للحفاظ على الأمن.
منذ 18 شهر مرت بفضل الأمن الذي وفرته قواتنا في كل مكان، لكل المعمرين الذين أصبحوا يمارسون مهامهم التجارية في أحسن الظروف.
– “غوستاف رونو”: من أجل هذا انخفض التعامل التجاري.
– وزير الخارجية: لقد أنشأنا البوليس وهو الآن يعمل في كل مكان، وقد بدأنا عمليا تطبيق الاتفاقات على الحدود الجزائرية حيث لم تكن قبل أحسن من الجاري عملها الآن، لقد أمنّا ضمان حقوقنا بشكل لم نعد نخشى معه شيئا بعد الآن، فقد قامت حركتنا بوضع حد لإزعاجات ثورة الشاوية المسلحة وتهدئة تلك الناحية، ومنعها من الامتداد إلى الداخل، لقد أعطينا كلمتنا ونحن باقون عند الحدود المتوقعة التي أعلنتها حركتنا، وعندما انتهت الحرب الأهلية المغربية بانتصار مولاي حفيظ، وجدنا أنفسنا كما أعلنت في تصريح داخلي بالأمس بأننا تتبعناها مدة سنة يوما بيوم تقريبا، لقد وجدنا أنفسنا أقوياء بشكل كاف لإحراز التفوق إلى جانب السلطان الجديد، بدون خلفيات، ودون أي ضرب من الحقد على شخصه، نعم لقد حاربناه لكن المبادئ والترتيبات التي اتفق عليها مع اسبانيا وأوربا تعتبر شروطا واجبة التسمية عند توليه العرش. نحن نريد أن نشير إلى أن الاتفاق مع أوربا اعتبر المبادئ والترتيبات واجبات تخص تولي مولاي حفيظ وهي كالتالي:
1- الانخراط التام في عقد الجزيرة، بضوابطه وتنظيماته المرفقة مع وجوب معالجة جميع أنواع العواقب والنتائج الملتزم بها مع السلك الدبلوماسي والاتفاقات الخاصة للمخزن العزيزي.
2- تحمل الدَّين الموقع من قبل عبد العزيز مع الاحتفاظ بمراجعة لاحقة لدين واسع خاص.
3- ليس هناك ضرر في تفويض فرنسا واسبانيا على التفاوض بينهما في شأن إنشاء البوليس والتأكيد على تعيين اللجنة الدولية المكلفة بتسوية التعويضات المستحقة على حكومة المغرب نتيجة حوادث الدار البيضاء.
4- التزام السلطان بعمل لازم للإسهام بالمثل في تأمين المعمرين الأجانب في جميع نواحي الإمبراطورية واتخاذ اللازم المتماشي مع عقد الجزيرة من أجل ضمان الحرية وتأمين المواصلات.
5- تأكيد مولاي حفيظ على تطلع شعبه للحفاظ على إرادته وعلاقته القومية في ترابط مع مكونات حقوق الأفراد في أنحاء البلاد.
6- الاعتراف بحق كل القوى في المتابعة مع السلطان لتسوية المسائل التي تمس الخواص كل بمفرده.
7- بموجب هذه الحقوق؛ فرنسا واسبانيا يتابعان مباشرة مع المخزن استرجاع النفقات المؤداة على تهدئة الأوضاع وتثبيت الأمن في بعض النواحي من المغرب بواسطة البعثات العسكرية الضرورية ومعالجة في نفس الآن آفاق مسألة التعويضات المتعلقة بقتلانا.
هذه الشروط ليست خاصة بفرنسا بل هي اشتراطات كل القوى الموقعة على عقد الجزيرة، قد تكون قاسية ولكن كل القوى التزمت بها، فكل من أراد مباشرة الحكم كسلطان أو معتدي (كما قال السيد “جون جوريس”) الالتزام بها أيضا.
لكن المؤاخذة الموجهة إلى كل العالم والتي في الحقيقة لا توجه لأحد لأن تلك الشروط التي اتخذت بحكمة قبلت من الجميع، وعليه أتساءل عن مجموع النتائج التي بينتها آنفا هل كانت تافهة أو غير مناسبة؟
أمن الخطأ التأسف على الجهود التي بذلناها لأجل الوصول إلى ما نحن عليه اليوم؟
هل تعتقدون بأنه إذا تركنا الفوضى المغربية تنمي أخطار كل المجازفات التي يمكن أن تتولد في عين المكان وكل التعقيدات الدولية التي تنشأ عنها ستجعلنا في الوضعية التي نحن عليها اليوم؟
كيف ستفكر فرنسا إذا لم نأخذ بين أيدينا بكل حزم كل قرار تحملناه في الدفاع والمحافظة على حقوقنا؟
كيف سيكون وضعنا بالمغرب وأوربا؟ وكيف سيكون حضورنا في إفريقيا الشمالية ومستقبلنا؟
– “جوريس”: أنا أصرح بأنكم تساعدون مولاي حفيظ على النجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *