في 16 أكتوبر 1906 بعث الوالي العام بالتقرير التالي للمفوض بالنيابة في موريطانيا سان لوي 10 أوت 1906.
في أكتوبر 1905 حسنة ابن الشيخ ماء العينين أبان أن سلطان المغرب صاحب السيادة الأوحد على بلاد المورseul maitre des pays maures ، أبدى دهشته من احتلال الفرنسيين للناحية من سنوات مظهرين سلطتهم في واجهة من المغرب اقتطعوها، وأعلن أن سلطان المغرب طالب بإخلاء تلك البلاد مالم يدلوا بما يثبت سبب تواجدهم من قبل السلطان.
وهذا الإثبات سهل الحصول عليه لأنه على شندورة “أصل العائلة المسيرة للترارزة أولاد أحمد بن دحمان” يمتلك طابعا سلمه له أمير المؤمنين.
والنتيجة أن السلطان كوّن بعثة تقصي هي حاليا عندي مكونة من خاله وقاضي وكاتب، ومن أهدافهم استقبال النواحي الطائعة وتوزيع الهدايا والسلاح والذخائر.
بعد بضعة شهور في يناير 1906م، الشيخ ماء العينين أذاع خبر وصول خال السلطان مكلفا برعاية مصالح المسلمين في بلاد الإسلام، وصرح بأنه حامل “لعدة مراسيل تعيين موقعة من طرف قائده، وزعت على المعنيين من طرف الشيخ ماء العينين كرؤساء”.
في يونيو 1906م وصلنا بأن خليفة يسمى مولاي عبد الله دخل أدرار مخفورا بـ 20 جنديا مغربيا، متبوعا بتاجر يبيع السلاح والذخيرة والبنادق السريعة الطلقات، وبدأ يفتح إدارة لاستخلاص الضرائب باسم بيت المال من أجل إزالة أعباء الحرب المخاضة ضد الكفار.
يجب تحصين اطار، واحتلال رشيد، والإذن للفرنسيين بإخلاء تدجيكدجا بعد مدة من معرفة أن هذه البعثة ذات مهمة دبلوماسية، تهدف إشعار المسيحيين باسم السلطان بضرورة مغادرة الحدود الموريطانية، وفي حالة رفضهم يجب إخبار السلطان بذلك.
إلى جانب هذا التفسير المتعصب أحيانا، جرت أحداث ذات خطورة من قبيل:
تزويد سكان أدرار ببنادق سريعة الطلقات وذخائر أحضرت من كاب جوبي مجموع حمولتها أربع جمال من البنادق وواحد محمل بـ 45 صندوق ذخيرة.
في يوليوز 1906م راجت أخبار بأن ممثل السلطان يسمى مولاي إدريس تواق إلى إعلان الحرب المقدسة، وقد جمع حوله أكثرية نواحي أدرار وأولاد بوسبع.
وأخيرا وصلت برقية من تدجيكدجا جاءت من سان لوي في الأيام الأولى من غشت، أعطتنا معلومات مدققة حول هذا الرجل المسمى مولاي إدريس ولد مولاي عبد الرحمن، ويقول عم السلطان: قامته ممتلئة على العموم، نابه الأيسر مكسور في الفك الأعلى، جاء من بوطرفاي أحواز كاب جوبي حيث مارس مهمة قائد، وجاء معه حرس مكوّن من 12 مغربي و12 من طلبة الشيخ ماء العينين.
وبعد ما أقام بضعا من الوقت في اطار انتقل إلى شنقيط التي غادرها إلى أودجيفت حاملا رسائل من السلطان تطلب منا مغادرة تاكانت، فإذا رفضنا الامتثال لذلك الإنذار، عرض ذلك على المسئولين وانتظر.
وقد توصل بهدايا، وسُمِح له بالتصرف في الزكاة.
جميع الاستعلامات السالفة تلخص أن مولاي إدريس بعثه السلطان إلى حيث الشيخ ماء العينين ليحاول عن طريق خطابه ورسائله قتال ممثلي سلطتنا، ليس في أدرار فقط، بل في كل موريطانيا، ومساعدة محور أدرار بصناديق البنادق السريعة الطلقات والذخيرة، جيء بها من المغرب ومن القوى المؤثرة الأوربية المتاجرة مع كاب جوبي وواد نون.
يجب توقيف هذا الانتشار لوضع حد لهذه المكيدة واستيراد الأسلحة والذخيرة لأدرار التي تعرض مستقبلنا لخطر حقيقي إذا لم يوضع حد لتجارة السلاح مع نهاب الصحراء ومناهضي توغلنا فيها، إذ سيصبحون خطرين بفضل تسلحهم، ملحقين الضرر ليس فقط بسلطتنا، لكن أيضا بالفتح الحضاري العام الذي يقتضيه وضعنا الخاص الواجب مواصلته بحيوية في هذه المنطقة الإفريقية.
وفي 9 نونبر 1906م وصله تقرير جديد من إفريقيا الغربية بعث من قبل السيد ميلي لكروا وزير المستعمرات يؤكد مرة أخرى النقطة التي تركز عليها سلطة المسلمين المستقبلية بالمغرب.
كوري Gorée في نونبر 1906:
سبق لي أن أخبرتكم بحضور ابن الشيخ ماء العينين عند الدواغش حيث وزّع السلاح والذخيرة، ومنذ ذلك العمل التحريضي صاروا أكثر نشاطا.
الشخص الرئيسي الذي بعثه السلطان نائبا عنه هو مولاي إدريس ولد مولاي عبد الرحمن ولد مولاي سليمان أب سلطان المغرب، ويقول بأنه أرسل بعد الأخبار المقدمة للسلطان، بأن هناك من اندس في أدرار من الأجانب، وقد جاء يطلب من الشيخ ماء العينين حيث أرسل معه ابنه حسنة عندما كان في أودجفت بشنقيط يجبي الزكاة، ويوزع السلاح والذخيرة القادمة من كاب جوبي والساقية الحمراء، لكنه أيضا ينتظر قيام الاضطراب بالمناطق الخاضعة لسلطاننا وقد أعلن أنه جاء لإدارة البلاد باسم السلطان مالك الأرض إلى النهر.
مع بداية شتنبر 1906م المبعوث العام لموريطانيا أحاطني علما بالمعلومات التي وصلته والمتعلقة بسيدي المختار زعيم أهل سيدي محمد الذي يقوم بالوساطة بين الأعوان المغاربة ونواحي المور، وقد أعلن بصراحة عداوته لنا بل تهيّأ للقيام ضدنا بعد فصل الشتاء، مغترا في هذا الباب بما جرى في تادْ جكدجت.
من جهة أخرى الشريف مولاي إدريس جمع حوله 500 مقاتل، 100 من ساكنة هوده لحسن ومشدوف.
لقد حسب لذلك الفعل حسابه، في نفس الوقت الذي استدعيت ليوطنا العامل لأعلى السنغال النيجر وممثل الدولة الجنرال بموريطانيا لمضاعفة المراقبة والقيام بالضبط اللازم لجعل مراكزنا في متناول اليد.
هذه التوصية مع الأسف لها ما يبررها.
قبطان تيسوت مسئول مركز تدجيكدجا أخبر بواسطة برقية وصلت إلى سان لوي يوم 26 أكتوبر بأنه علم أن مولاي إدريس توصل برسالة أمرته بمغادرة تاجانت. الشريف يوجد الآن في عين السكشالا على بعد يومين شمال أشاريم، يسير معه الدواغش و50 أولاد بوسبع، مشدوف، لشلال، وأيضا بعض المنشقين من أصل دائرة الترارزة وبركان.
القبطان تيسوت اعتبر تراجع الشريف خارج طاجانت عملية إيجابية قبل توصله بالإمدادات التي ينتظرها من أدرار، وبعث قوة مضادة له مكونة من 30 من المشاة تحت أمره كل من ليوطنا أندرو واليوطنا فرانسوا وتضم السرجان فلوريط والسرجان فليب.
القبطان تيسوت استدرج مولاي إدريس للخضوع أو التراجع في أدرار، لكن المعلومات التي وردته بعد خروجه أفادت بأن جماعة الشريف كبيرة العدد وجيدة التسلح، وهي معلومات صحيحة لكن يمكن هزمها بالقلة التي مع القبطان.
ومن جهة أخرى المركز الذي أمر مولاي إدريس مهاجمته محتاج إلى كل قواته للدفاع عنه. تيسوت فك الارتباط مع تدجيكدجا، وأثناء هذه الحركة التي التقى فيها الشريف في نيملان على بعد 25 كلم جنوب غرب هذه الأخيرة، هاجمه 900 مقاتل، الكثير منهم ركبانا، و200 منهم مسلحين ببنادق سريعة الطلقات، ودارت المعركة من الساعة 8 إلى 11 صباحا حيث بدأ الالتحام يتراجع عن تدجيكدجا، وواصل العدو الإزعاج بالمناوشات.
البرقية الأولى المستلمة تم بعثها في 30 نونبر 1906م، كانت ناقصة، والتي أخبرت بفقدان الضباط، لكن الحقيقة أن الخسائر كانت جد مرتفعة، فقد قتل أربعة أوربيين، وبقيت جثتهم مع الأسف في يد الأعداء والحيوانات، وقتل أو أسر 15 من الأهالي، والآخرون لم يلتحقوا بالمركز منهم 33 جريحا.
تركت في ميدان المعركة بضعة أسلحة، وقليلا من الذخيرة بين أيدي الأعداء.
المور من جهتهم فقدوا 150 فيهم 3 رؤساء، و5 أولاد بكار، وقائد الدواغش.
القبطان تيسوت بقي في المركز مع قليل من الجنود لا يزيدون عن 65 نفر سالمين، دون مؤطرين ما عدا سارجان وخباز، وأضيف أوروبي مكلف بالأمور الأهلية .
حول المركز يتكاثر المور، ونجاح الشريف زاد حماسة النهاب الساخرين منا، فاستقروا حوله.
مرلين Merlin