ابن القطان الفاسي (562-628 هـ/1167-1230م)

هو علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن محمد بن يحيى بن إبراهيم بن خلصة بن سماحة الحميري الكتامي، أبو الحسن ابن القطان؛ وهو والد أبي محمد الحسن بن علي ابن القطان، صاحب كتاب “نظم الجُمان، لترتيب ما سلف من أخبار الزمان”.
مولده بفاس فجر يوم عيد الأضحى من سنة 562 (الموافق 27 سبتمبر 1167)، ثم انتقل إلى مراكش وأقام بها زمنا، وكان معظما عند الخاصة والعامة من دولة آل عبد المؤمن، وهم الموحدون: حظي كثيرا عند المنصور منهم، فابنه الناصر، فالمستنصر ابن الناصر، فأبي محمد عبد الواحد (الملقب بالمخلوع) أخي المنصور، ثم أبي زكرياء المعتصم ابن الناصر، حتى كان رئيس الطلبة، مصروفةً إليه الخططُ النبيهة، مرجوعا إليه في الفتاوى، وكان ذاكرا للحديث مستبحرا في علومه، بصيرا بطرقه، عارفا برجاله، ناقدا مميزا صحيحه من سقيمه، ذا حظ من الأدب وقرض مقطعات الشعر، وكتب بخطه كثيرا.
سمع أبا عبد الله بن الفخار فأكثر عنه وأبا الحسن بن النقرات وأبا ذر الخشني وطائفة.
قال الحافظ ابن مسدي: كان من أئمة هذا الشأن قصري الأصل مراكشي الدار، كان شيخ شيوخ أهل العلم في الدولة المؤمنية، فتمكن من الكتب وبلغ غاية الأمنية، وقال الأبار: كان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله وأشدهم عناية بالرواية، قال الذهبي: علقت من تأليفه كتاب “الوهم والإيهام” فوائد تدل على قوة ذكائه، وسيلان ذهنه، وبصره بالعلل لكنّه تعنّت في أماكن…
مواقفه
قال رحمه الله: الإجماع عندنا إجماع أهل العلم، فأما من كان من أهل الأهواء فلا مدخل له فيه، قال: أصحابنا في الخوارج: لا مدخل لهم في الإجماع والاختلاف لأنهم ليس لهم أصل ينقلون عنه لأنهم يكفرون سلفنا الذين أخذنا عنهم أصل الدين.
قال ابن القاضي: رأس طلبة العلم بمراكش، ونال بخدمة السلطان دنيا عريضة، وامتحن سنة 621 فخرج من مراكش، وعاد إليها واضطرب أمره، ثم ولي القضاء بسجلماسة، فاستمر إلى أن توفي بها، ونقمت عليه في قضائه أمور.
له تصانيف، منها “بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الاحكام” انتقد به أحكام عبد الحق ابن الخراط، قال ابن ناصر الدين: ولابن القطان فيه وهم كثير نبه عليه أبو عبد الله الذهبي في مصنف كبير.
مؤلفاته
ومن كتبه “مقالة في الأوزان” و”النظر في أحكام النظر” و”برنامج” مشيخته عمله بعد سنة 625 (1228م)، ونسب إليه “نظم الجمان” قطع منه، وليس من تصنيفه، و”تقريب الفتح القسي”، و”أسماء الخيل وأنسابها وأخبارها”، و”النظر في أحكام البصر”، و”أحكام الجنان”، و”مسائل الإجماع”، و”نقع الغلل ونفع العلل”.
كما له مقالات: في الإمامة، وفي الوصية للوارث، وفي التسفير، وفي معاملة الكافر، وفي فضل عاشوراء وما ورد في الإنفاق فيه على الأهل، وفي تحريم التسابّ.
وفاته
لمّا دخل المأمون الموحدي مراكش عُزِلَ الشيخ أبو الحسن ابن القطان من القضاء، وانتهبت داره، وذهب كل ما كان فيها من مال وكتب، وكانت سبعة عشر حملاً، منها حملان بخطّه، والتجأ إلى سجلماسة فأدركته المنية على حال الحسرة من فَقْد أهله وبيته وكتبه وسائر ممتلكاته، وكانت وفاته بين العشائين من أول ليلة شهر ربيع الأول من سنة ثمان وعشرين وستمائة (628هـ)، ودفن بجوار المسجد الأعظم بسجلماسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *