“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” أسماء الله تعالى العليم، عالم الغيب وعلام الغيوب الحلقة الثامنة والأربعون ناصر عبد الغفور

تقدم معنا في الحلقة السابقة ذكر بعض الآيات من القرآن الكريم التي ذكر فيها اسم العليم وبعض الآيات التي ذكر فيها اسم العالم الذي لا يأتي إلا مضافا أو مقيدا ومثله اسم العلام الذي جاء ذكره في أربع آيات فقط، كما تم التطرق إلى المعنى اللغوي لهذه الأسماء، وفي هذه الحلقة نتعرف على معناها في حق الله جلّ شأنه:

المعنى في حق الله جل شأنه:
1- قال ابن منظور رحمه الله تعالى: “فهو الله العالم بما كان وما يكون قبل كونه، وبما يكون ولما يكن بعد قبل أن يكون. ولم يزل عالما ولا يزال عالما بما كان وما يكون، ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، سبحانه وتعالى أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وظاهرها، دقيقها وجليلها على أتم الإمكان” .
2- قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: “العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن والعالم للغيوب دون جميع خلقه” .
وساق بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “العليم الذي قد كمل في علمه”.
وقال عند قوله تعالى: “وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” آل عمران-154: “والله ذو علم بالذي في صدور خلقه من خير وشر، وإيمان وكفر، لا يخفى عليه شيء من أمورهم، سرائرها وعلانيتها، وهو لجميع ذلك حافظ حتى يجازي جميعهم جزاءهم على قدر استحقاقهم” .
3- قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: “وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” أي: بما يختلج في الصدور من السرائر والضمائر .
4- قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في مقدمة تفسيره: “العليم: الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن والإسرار والإعلان وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء” .
وقال في موضع آخر: “العليم الذي أحاط علما بكل شيء، فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر”.
وقال في تفسير قوله تعالى: “أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ” أي يتغطون بها، يعلمهم في تلك الحال التي هي من أخفى الأشياء. بل “يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ” من الأقوال والأفعال، و”مَا يُعْلِنُونَ” منها، بل ما هو أبلغ من ذلك وهو”إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” أي بما فيها من الإرادات والوساوس والأفكار التي لم ينطقوا بها، سرا ولا جهرا..”.
5- قال الإمام البيضاوي: “عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ”: “..مطلع على سرهم وعلنهم لا يفوت من علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم” .
6- قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: “العليم هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق، وجاء -أي عليم- على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم”.
7- وقال الحليمي رحمه الله تعالى في معنى علام الغيوب: “معناه العالم بأصناف المعلومات على تفاوتها فهو يعلم الموجود ويعلم ما هو كائن، وأنه إذا كان كيف يكون، ويعلم ما ليس بكائن، وأنه لو كان كيف يكون”.
8- وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: “يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى”، قال: “يعلم السر ما أسر ابن آدم في نفسه، وأخفى ما خفي على ابن آدم ما هو فاعله قبل أن يعلمه فإن الله تعالى يعلم ذلك كله، فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد، وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة” .
9- قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: “العليم: معناه ظاهر وكماله أن يحيط بكل شيء علما ظاهره وباطنه، دقيقه وجليله، أوله وآخره، عاقبته وفاتحته، وهذا من حيث كثرة المعلومات وهي لا نهاية لها، ..ثم لا يكون مستفادا من المعلومات بل تكون المعلومات مستفادة منه” .
10- قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في نونيته:
وهو العليم أحاط علما بالـــذي في الكون من سر ومن إعلان
وبكل شيء علمه سبحانـــــــه فهو المحيط وليس ذا نسيــــان
وكذاك يعلم ما يكون غدا وما قد كان والموجــود في ذا الآن
وكذاك أمر لم يكن لو كان كيــ ـــــــــف يكـــون ذا إمكـــــــان .
“وعلمه متعلق بكل ما من شأنه أن يعلم لا يعزب عنه من ذلك شيء، فهو يعلم ما يُحدِّث به المرء نفسه، وما يرد على خاطره من الهواجس وإن لم يحرك به لسانه، ويستوي في علمه ما قرب وما بعد، وما أسر وما أعلن، كما قال تعالى: “سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ”، بل يستوي في علمه الماضي والحاضر والمستقبل فهو يعلم ما سيعملون مستقبلا، كما يعلم ما قد كان في الماضي، وكما يعلم ما هو كائن الآن، فالأشياء كلها حاضرة لديه، وهو يعلم الكيفيات التي ستكون عليها الأشياء قبل وجودها، فيعلم ما لم يوجد من الأشياء لو وجد فعلى أي كيفية وجوده في عالم الأعيان” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *