النهــي عن سب الريـح

من الآداب الجليلة الأكيدة في باب التوحيد الحذر من سب الريح لأن الله تعالى هو الذي أوجدها وأمرها, فمسبتها مسبة للفاعل وهو الله سبحانه, فلا يفعل ذلك إلا أهل الجهل بالله ودينه وبما شرعه لعباده, ولأجل ذلك ورد النهي عن سبها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الريح من روح الله, تأتي بالرحمة, وتأتي بالعذاب, فإذا رأيتموها فلا تسبُّوها, واسألوا الله خيرها, واستعيذوا بالله من شرها” صحيح الجامع3564.
قوله: “الريح من روح الله” قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين 414: “(من رَوح الله) هو بفتح الراء, أي: رحمته بعباده”.
فإن قيل كيف يكون الريح من رحمته مع أنها تجيء بالعذاب؟
أجيب بأنه إذا كان عذابا للظلمة يكون رحمة للمؤمنين. انظر “إتحاف ذي التشوق والحاجة” 8/183.
وقوله: “تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب” قال المناوي رحمه الله: “(تأتي بالرحمة) أي: بالغيث والراحة والنسيم، (والعذاب) بإتلاف النبات والشجر وهلاك الماشية وهدم البناء” فيض القدير 6/520.
فائدة: قال الشوكاني رحمه الله: “الرياح لا تأتي إلا بالخير, والريح تأتي تارة بهذا, وتارة بهذا” تحفة الذاكرين 264.
وقوله: “فإذا رأيتموها فلا تسبوها” أي: فلا تسبُّوها فإنها مأمورة لا ذنب لها. انظر فيض القدير 6/520.
وقوله: “واسألوا الله خيرها” أي: خير ما أرسلت به، أنظر عون المعبود 14/3.
وقوله: “فاستعيذوا بالله من شرها” أي: اطلبوا المعاذ والملاد منه إليه, فيض القدير 6/520.
(من شرها) أي: من شر ما أرسلت به. أنظر عون المعبود 14/3.
فالرجوع إلى الله تعالى بسؤال خيرها والاستعاذة من شرها عبودية لله وطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم, واستدفاع للشرور به, وتعرض لفضله ونعمه وهذه حال أهل التوحيد والإيمان خلافا لحال أهل الجهل والجفاء ممن يسبُّها.
قال الشافعي رحمه الله: “لا ينبغي شتم الريح, فإنها خلق مطيع لله, وجند من جنوده يجعلها رحمة إذا شاء, ونقمة إذا شاء” الأم 1/290.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *