مرة أخرى يثير خطيب النمسا ما لا فائدة فيه إلا القيل والقال؛ وغرضا في نفس الطاعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم… فزعم أن رأس الخوارج صحابي..! ثم لَعَنه.. منبها بذلك على أنه ليس كل الصحابة عدولا.. ليوجد لنفسه العذر والمسوغ للوقوع في غيره.. من الصحابة !!
تعريف الصحابي
عرف أهل العلم الصحابي بأنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك. ومقتضاه أن من لم يمت على الإيمان به فلا يكون صحابيا؛ بله أن يكفر به في حياته!
ذو الخويصرة التميمي هل كان صحابيا؟
صح في الحديث قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي؛ إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم؛ يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية.
هذا ما حصل لذي الخويصرة، فلازم قوله للنبي عليه الصلاة والسلام (اعدل) أنه يتهمه بالظلم، وهذا كفر بين لا شك فيه.. فكيف يبقى له إيمان بعد ذلك!! والحديث رواه البخاري من حديث أبي سعيد قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة -رجل من بني تميم-: يا رسول الله اعدل؛ فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل..!
وذكر ابن الأثير له في الصحابة فيه نظر؛ كما هو مذهب ابن حجر في الإصابة فإنه قال: (وعندي في ذكره في الصحابة وقفة).
وسبب ذلك والله أعلم قوله (اعدل) كما قلته سابقا.
وقد يقول قائل: أليس ذكر ابن حجر له في الإصابة دليلا على صحبته؟
والجواب أن الحافظ يذكر في الإصابة من كان صحابيا ومن زعموا أنه صحابي؛ ليميز الصواب من الخطأ، ولذلك سمى كتابه: (الإصابة في تمييز الصحابة) ولذلك تجده أحيانا يتعقب ويتوقف ويعارض.
ذو الخويصرة منافق
صح كما في الحديث قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية).
فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بالمنافق، بل استنكر قتله دفعا لمفسدة استغلال المخالفين لظاهر صحبته لإشاعة تهمة النبي صلى الله عليه وسلم بقتل أصحابه .
ومثله من قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة خصومة بينه وبين الزبير بن العوام : (أن كان ابن عمتك!).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (15/107): (قال العلماء ولو صدر مثل هذا الكلام الذي تكلم به الأنصاري اليوم من إنسان من نسبته إلى هوى كان كفرا).
حرقوص بن زهير السعدي رأس الخوارج
ذكر الطبري في (تاريخ الأمم والملوك /2/496) أن عتبة بن غزوان كتب إلى عمر يستمده فأمده بحرقوص بن زهير وكانت له صحبة، وأمره على القتال على ما غلب عليه ففتح سوق الأهواز.
قال ابن حجر في الإصابة (2/49) :(ذكر الهيثم بن عدي أن الخوارج تزعم أن حرقوص بن زهير كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأنه قتل معهم يوم النهروان؛ قال: فسألت عن ذلك فلم أجد أحدا يعرفه).
قلت: الهيثم بن عدي هو الطائي أخباري كذاب كما قال البخاري وأبو داود وغيرهما!
هل حرقوص هو ذو الخويصرة؟
ذكر بعض العلماء أن ذا الخويصرة هو حرقوص؛ وقيل المقداد؛ وقيل غير ذلك.
وقد اعتمد على الأول ابن الأثير فجعله في عداد الصحابة، لكن صح عند البخاري في (باب من ترك قتال الخوارج) تسميته (عبد الله بن ذي الخويصرة).
وأرجو أن يكون هذا كافيا لبيان الحق دون إطالة وإطناب.
الخلاصة
وخلاصة هذا أنه لا يصح كون ذي الخويصرة صحابيا؛ ولا حرقوص بن زهير.. فلا وجود لصحابي رأسا للخوارج!
فأين التحقيق العلمي الذي يدعيه الخطيب النمساوي!