التَّوحِيدُ الخَالِصُ: (16) توحيد الألوهية التوكُّـلُ:

 

تعريف التوكل :

التوكل مأخوذ من الوكالة، يقال وكل فلان أمره إلى فلان، أي فوض أمره إليه واعتمد كليا عليه.

فالتوكل هو الاعتماد على الشيء، والتوكل على الله، هو صدق اعتماد القلب على الله وتفويض الأمر إليه والثقة بكفايته مع بذل الأسباب وعدم الاعتماد عليها.

قال النووي: “اختلفت عبارات العلماء من السلف والخلف في حقيقة التوكل، فحكى الإمام أبو جعفر الطبري وغيره عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله تعالى من سبع أو عدو حتى يترك السعي في طلب الرزق ثقة بضمان الله تعالى له رزقه، واحتجوا بما جاء في ذلك من الآثار.

وقالت طائفة: حده الثقة بالله تعالى والإتقان بأن قضاءه نافذ واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لا بد منه من المطعم والمشرب والتحرز من العدو كما فعله الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم أجمعين” (شرح صحيح مسلم 1/363).

وقال ابن رجب: “وحقيقة التوكّل: هو صدقُ اعتماد القلب على الله -عز وجل- في استجلاب المصالح، ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلِّها، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه” (جامع العلوم والحكم ص:409).

 

أنواع التوكل:

– الأول: هو التوكل على الله تعالى في جميع الأمور، من جلب المنافع، ودفع الضار، وهذا القسم هو شرط من شروط الإيمان وصحته؛ فإن التوكل على الله عبادة الصادقين، وسبيل المخلصين، أمر الله تعالى به أنبياءه المرسلين، وأولياءه المؤمنين، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير).

وقال سبحانه: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). وقد قال الله تعالى في سبعة مواضع من القرآن: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

– الثاني: هو التوكل على المخلوقين في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى، كإنزال المطر، أو شفاء المرضى، أو تحقيق النصر، أو غير ذلك مما هو من خصائص الربوبية، فهذا شرك أكبر، يستوجب الخلود في النار والعياذ بالله.

قال شيخ الإسلام في الفتاوي  (10/257): “ما رجا أحد مخلوقا أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه فإنه مشرك (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)”.

– الثالث: التوكل على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل عنه مثل أن يعتمد عليه في الحصول على المعاش فهذا شرك أغر لقوة تعلق القلب به، ولكن إذا اعتمد عليه أنه سبب وأن الله هو الذي قدر ذلك فهذا لا بأس به.

– الرابع: فهو توكيل إنسان للقيام ببعض المعاملات نيابة عنك، من بيع وشراء ونحو ذلك، فهذا أمر جائز، ولكن الأولى أن لا تقول: توكلت على فلان، وإنما وكلت فلاناً في قضاء حاجتي؛ لأن المسلم يظل في جميع الأمور، معتمداً على الله وحده، متوكلاً عليه سبحانه لا على غيره. (أنظر معجم ألفاظ العقيدة ص:112).

بين التوكل والأخذ بالأسباب:

لابد هنا من لفت الانتباه إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أنّ التوكل لا ينافي أخذ الأسباب.

قال الحافظ ابن حجر: “والمراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا)، وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين، لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل.

وقد سئل الإمام أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي فقال: هذا رجل جهل العلم. (فتح الباري (18/295).

الأمر الثاني: تتخذ الأسباب وإن كانت ضعيفة في نفسها.

ولذلك أمر الله تعالى أيوب عليه السلام أن يضرب الأرض برجله بعد أن دعا لمرضه، وهل ضربة الصحيح للأرض منبعة للماء؟ لا، ولكن الله يريد أن يعلمنا أنه لابد من اتخاذ السبب ولو كان ضعيفاً، فالأمر أمره، والكون كونه، ولكن لابد من فعل الأسباب.

ولما أراد الله أن يطعم مريم وهي في حالة وهن وضعف أمرها أن تهز جذع النخلة؛ لأن السبب يتخذ ولو ضعف.

الأمر الثالث: أن لا يعتمد عليها، وإنما يجعل اعتماده على الله تعالى.

ابذل السبب ولو كان يسيراً، واعلم أنّ الله هو مسبب الأسباب، ولو شاء أن يحول بين السبب وأثره لفعل سبحانه، ولذا لما أُلقي إبراهيم في النار لم يحترق لأن الله قدر ذلك، وإسماعيل عليه السلام لما أمرَّ أبوه السكين على عنقه وهي سبب في إزهاق الروح لم تزهق روحه لأن الله لم يأذن في ذلك.

فلا يعتمد إلا على الله، وتتخذ الأسباب، لأن الله يقدر الأمور بأسبابها.

 

التَّوحِيدُ الخَالِصُ: (16)توحيد الألوهيةالتوكُّـلُ:تعريف التوكل:التوكل مأخوذ من الوكالة، يقال وكل فلان أمره إلى فلان، أي فوض أمره إليه واعتمد كليا عليه.فالتوكل هو الاعتماد على الشيء، والتوكل على الله، هو صدق اعتماد القلب على الله وتفويض الأمر إليه والثقة بكفايته مع بذل الأسباب وعدم الاعتماد عليها.قال النووي: “اختلفت عبارات العلماء من السلف والخلف في حقيقة التوكل، فحكى الإمام أبو جعفر الطبري وغيره عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله تعالى من سبع أو عدو حتى يترك السعي في طلب الرزق ثقة بضمان الله تعالى له رزقه، واحتجوا بما جاء في ذلك من الآثار. وقالت طائفة: حده الثقة بالله تعالى والإتقان بأن قضاءه نافذ واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لا بد منه من المطعم والمشرب والتحرز من العدو كما فعله الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم أجمعين” (شرح صحيح مسلم 1/363).وقال ابن رجب: “وحقيقة التوكّل: هو صدقُ اعتماد القلب على الله -عز وجل- في استجلاب المصالح، ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلِّها، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه” (جامع العلوم والحكم ص:409).
أنواع التوكل:- الأول: هو التوكل على الله تعالى في جميع الأمور، من جلب المنافع، ودفع الضار، وهذا القسم هو شرط من شروط الإيمان وصحته؛ فإن التوكل على الله عبادة الصادقين، وسبيل المخلصين، أمر الله تعالى به أنبياءه المرسلين، وأولياءه المؤمنين، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير).وقال سبحانه: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). وقد قال الله تعالى في سبعة مواضع من القرآن: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).- الثاني: هو التوكل على المخلوقين في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى، كإنزال المطر، أو شفاء المرضى، أو تحقيق النصر، أو غير ذلك مما هو من خصائص الربوبية، فهذا شرك أكبر، يستوجب الخلود في النار والعياذ بالله. قال شيخ الإسلام في الفتاوي  (10/257): “ما رجا أحد مخلوقا أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه فإنه مشرك (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)”.- الثالث: التوكل على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل عنه مثل أن يعتمد عليه في الحصول على المعاش فهذا شرك أغر لقوة تعلق القلب به، ولكن إذا اعتمد عليه أنه سبب وأن الله هو الذي قدر ذلك فهذا لا بأس به.- الرابع: فهو توكيل إنسان للقيام ببعض المعاملات نيابة عنك، من بيع وشراء ونحو ذلك، فهذا أمر جائز، ولكن الأولى أن لا تقول: توكلت على فلان، وإنما وكلت فلاناً في قضاء حاجتي؛ لأن المسلم يظل في جميع الأمور، معتمداً على الله وحده، متوكلاً عليه سبحانه لا على غيره. (أنظر معجم ألفاظ العقيدة ص:112).بين التوكل والأخذ بالأسباب:لابد هنا من لفت الانتباه إلى ثلاثة أمور:الأمر الأول: أنّ التوكل لا ينافي أخذ الأسباب.قال الحافظ ابن حجر: “والمراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا)، وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين، لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل.وقد سئل الإمام أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي فقال: هذا رجل جهل العلم. (فتح الباري (18/295).الأمر الثاني: تتخذ الأسباب وإن كانت ضعيفة في نفسها.ولذلك أمر الله تعالى أيوب عليه السلام أن يضرب الأرض برجله بعد أن دعا لمرضه، وهل ضربة الصحيح للأرض منبعة للماء؟ لا، ولكن الله يريد أن يعلمنا أنه لابد من اتخاذ السبب ولو كان ضعيفاً، فالأمر أمره، والكون كونه، ولكن لابد من فعل الأسباب.ولما أراد الله أن يطعم مريم وهي في حالة وهن وضعف أمرها أن تهز جذع النخلة؛ لأن السبب يتخذ ولو ضعف.الأمر الثالث: أن لا يعتمد عليها، وإنما يجعل اعتماده على الله تعالى.ابذل السبب ولو كان يسيراً، واعلم أنّ الله هو مسبب الأسباب، ولو شاء أن يحول بين السبب وأثره لفعل سبحانه، ولذا لما أُلقي إبراهيم في النار لم يحترق لأن الله قدر ذلك، وإسماعيل عليه السلام لما أمرَّ أبوه السكين على عنقه وهي سبب في إزهاق الروح لم تزهق روحه لأن الله لم يأذن في ذلك.فلا يعتمد إلا على الله، وتتخذ الأسباب، لأن الله يقدر الأمور بأسبابها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *