النوع الثاني من أنواع الخيار: خيار الشرط.
وهو أن يشترط المتعاقدان أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة لإمضاء العقد أو فسخه، فإذا انتهت المدة المحددة بينهما من بداية العقد ولم يفسخ صار لازما.
مثاله: أن يشتري رجل من آخر سيارة ويقول المشتري: لي الخيار مدة شهر كامل، فإن تراجع عن الشراء خلال الشهر فله ذلك، وإلا لزمهُ شراء السيارة بمجرد انتهاء الشهر .
مدة خيار الشرط:
يرى الجمهور الفقهاء جواز خيار الشرط واختلفوا في تحديد هذه المدة، فيرى أبو حنيفة والشافعية أنه يجوز خيار الشرط في البيع للبائع أو المشتري، أولهما ثلاثة أيام فما دونها، والأصل فيه حديث حبّّان بن منقذ بن عمر الأنصاري رضي الله عنه “أنه كان يغبن في البياعات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا بايعت فقل: لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام” .
ويرى المالكية أن مدة الخيار تختلف باختلاف السلع، فإن القصد ما تختبر فيه تلك السلعة، وذلك يختلف باختلاف السلع بقدر الحاجة، ويضرب من الأصل أقل ما يمكن تقليلا للغرر، كشهر في دار، وكثلاث في دابة.
ويرى أبو يوسف ومحمد وابن المنذر والحنابلة أنه يجوز -أي الخيار- إذا سمى مدة معلومة وإن طالت وحجتهم في ذلك أن الخيار حق يعتمد على الشرط، فرجع في تقديره إلى مشترطِهِ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: “المسلمون عند شروطهم”.
ولأن الخيار إنما شرع للحاجة إلى التروي ليندفع الغبن وقد تمس الحاجة إلى أكثر من ثلاثة أيام . وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله: “ويثبت خيار المجلس في البيع، ويثبت خيار الشرط في كل العقود ولو طالت المدة” .
ما الحكم إذا كانت مدة الخيار مجهولة:
إذا كانت المدة المشترطة في الخيار مجهولة، كما إذا شرط الخيار أبدا، أو متى شاء، أو قال أحدهما: ولي الخيار ولم يذكر مدته، أو شرطاه إلى مدة مجهولة كقدوم زيد أو نزول مطر، أو نحو ذلك، لم يصح البيع عند طائفة من أهل العلم، وقال مالك: “يصح ويضرب لهما مدة يختبر المبيع في مثلها في العادة لأن ذلك مقرر في العادة”5.
وقال شيخ الإسلام: “فإن أطلقا الخيار ولم يوقتاه بحدّ، توجه أن يثبت ثلاثا لخبر حبان بن منقذ، وللبائع الفسخ6.
(وللبحث بقية) وبالله التوفيق.