همجية فرنسية بأرض مصر العربية نبيل غزال

عقب الثورة الفرنسية التي اندلعت سنة 1789م والتي رفع روادها شعار: الحرية، والمساواة، والإخاء، وبعد تشبع الفرنسيين بهذه المبادئ والقيم؛ وبالضبط بعد مرور تسع سنوات؛ خرج الجيش الفرنسي ليبشر بقيمه؛ وينقلها إلى بلاد المسلمين و(الأفارقة الهمجيين)!
فوصل أول نتاج لجيل الثورة المشبع بقيم الأخوة والمساواة في جيش عرمرم إلى مصر؛ واحتل نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية؛ المسترشد والمستنير بآراء المستشرقين؛ مدينة القاهرة في 25 من يوليو 1798م.
وكعادتها ارتكبت القوات الفرنسية بقيادة الصليبي المكيافيلي المغامر المفتون الفاجر -كما وصفه محمود شاكر- العديد من الجرائم البشعة في حق الشعب المصري، وتعاملوا مع السكان بقسوة وهمجية واعتدوا على القرى فنهبوا المنازل حتى المواشي التي كانت تقابلهم في الطرقات.
وذكر الجبرتي في التاريخ: أن الفرنسيين أشعلوا النيران في الغيطان، وأرهقوا الشعب المصري البائس بالضرائب الباهظة، وأخرجوا أصحاب المنازل من منازلهم، واستولوا عليها، وعاثوا بالأزهر وضربوه بالقنابل.
وقال نابليون بونابرت في تقرير رسمي أرسله إلى فرنسا: (وصحيح أنهم هم الذين ذبحوا المسجونين المصريين وألقوا بجثثهم في قاع النيل ليلا). حتى النساء المصريات لم يسلمن من الذبح والسلخ على يد الجزار الفرنسي، إلا أن هذا لم يضعف من شأن المقاومة المصرية والمقاومين.
ونقل الجبرتي في التاريخ 3/26 صورا من الهمجية والبربرية الفرنسية فقال:
(..وبعد هجعة من الليل؛ دخل الإفرنج المدينة كالسيل، ومروا في الأزقة والشوارع لا يجدون لهم ممانعا، كأنهم الشياطين أو جند إبليس، وهدموا ما وجدوه من المتاريس.. ثم دخلوا إلى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول وبينهم المشاة كالوعول، وتفَوَّقوا -أي قاءوا- بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، وكسروا القناديل والسهارات، وهشموا خزائن الطلبة والمجاورين والكتبة، ونهبوا ما وجدوه من المتاع والأواني والقصاع، والودائع والمخبآت بالدواليب والخزانات، ودشتوا الكتب والمصاحف وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها، وأحدثوا فيه وتغوطوا، وبالوا وتمخطوا، وشربوا الشراب وكسروا أوانيه، وألقوها بصحنه ونواحيه، وكل من صادفوه به عروه ومن ثيابه أخرجوه..) اهـ.
قال العلامة الأديب محمود محمد شاكر في رسالة (في الطريق إلى ثقافتنا)؛ ص:91: (وظاهر جدا أن الحملة الفرنسية بقيادة نابليون؛ ومعها مستشرقوها وعلماؤها؛ لم يتكبدوا المشقة فما فوقها بقطع البحار، والبراري والقفار إلا ليخرجوا هذه الأمة من الظلمات إلى النور، أي من عصر الجهالة الظلمة إلى عصر العلم المضيء، أي لنبدأ عصر (النهضة الحديثة) في بلادنا نحنُ؛ أو كما يقال! هكذا ينبغي أن نقول لأبنائنا في المدارس والجامعات!!
ألم أقل لك إنها قصة مليئة بالمضحكات المبكيات؛ والحسرات والآهات؟)..اهـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *