وصفين متناقضين للدينار إعداد: أبو الكرم إبراهيم أنفلوس

جاء في المقامة الدينارية للحريري: قال الحارِثُ بنُ همّامٍ: وقُلتُ لهُ اختِباراً: إنْ مدَحْتَهُ نَظْماً. فهوَ لكَ حتْماً. فانْبَرى يُنشِدُ في الحالِ. من غيرِ انتِحال:
أكْرِمْ بهِ أصفَرَ راقَتْ صُفرَتُهْ … جوّابَ آفاقٍ ترامَتْ سَفرَتُهْ
مأثورَةٌ سُمعَتُهُ وشُهرَتُهْ … قد أُودِعَتْ سِرَّ الغِنى أسرّتُهْ
وقارَنَتْ نُجحَ المَساعي خطرَتُه … وحُبِّبَتْ الى الأنامِ غُرّتُهْ
كأنّما منَ القُلوبِ نُقْرَتُهْ … بهِ يصولُ مَنْ حوَتْهُ صُرّتُهْ
وإنْ تَفانَتْ أو توانَتْ عِتْرَتُهْ … يا حبّذا نُضارُهُ ونَضْرَتُهْ
وحبّذا مَغْناتُهُ ونصْرَتُهْ … كمْ آمِرٍ بهِ استَتَبّتْ إمرَتُهْ
ومُتْرَفٍ لوْلاهُ دمَتْ حسْرَتُهْ … وجيْشِ همٍّ هزمَتْهُ كرّتُهْ
وبدرِ تِمٍّ أنزَلَتْهُ بدْرَتُهْ … ومُستَشيطٍ تتلظّى جمْرَتُهْ
أسَرّ نجْواهُ فلانَتْ شِرّتُهْ … وكمْ أسيرٍ أسْلمَتْهُ أُسرَتُهْ
أنقَذَهُ حتى صفَتْ مسرّتُهْ … وحقِّ موْلًى أبدَعَتْهُ فِطْرَتُهْ
لوْلا التُقَى لقُلتُ جلّتْ قُدرتُهْ
ثم بسَط يدَهُ. بعدَما أنْشدَهُ. وقال: أنْجَزَ حُرٌ ما وعَدَ. وسَحّ خالٌ إذ رَعَدَ. فنبَذْتُ الدّينارَ إليْهِ. وقلتُ: خُذْهُ غيرَ مأسوفٍ علَيْهِ.. فجرّدْتُ ديناراً آخَرَ وقلتُ لهُ: هلْ لكَ في أنْ تذُمّهُ. ثم تضُمّهُ؟ فأنشدَ مُرتَجِلاً. وشَدا عجِلاً:
تبّاً لهُ من خادِعٍ مُماذِقِ … أصْفَرَ ذي وجْهَيْنِ كالمُنافِقِ
يَبدو بوَصْفَينِ لعَينِ الرّامِقِ … زينَةِ معْشوقٍ ولوْنِ عاشِقِ
وحُبّهُ عندَ ذَوي الحَقائِقِ … يدْعو الى ارتِكابِ سُخْطِ الخالِقِ
لوْلاهُ لمْ تُقْطَعْ يَمينُ سارِقِ … ولا بدَتْ مظْلِمَةٌ منْ فاسِقِ
ولا اشْمأزّ باخِلٌ منْ طارِقِ … ولا شكا المَمطولُ مطلَ العائِقِ
ولا استُعيذَ منْ حَسودٍ راشِقِ … وشرّ ما فيهِ منَ الخلائِقِ
أنْ ليسَ يُغْني عنْكَ في المَضايِقِ … إلاّ إذا فرّ فِرارَ الآبِقِ
واهاً لمَنْ يقْذِفُهُ منْ حالِقِ … ومَنْ إذا ناجاهُ نجْوى الوامِقِ
قال لهُ قوْلَ المُحقّ الصّادِقِ … لا رأيَ في وصلِكَ لي ففارِقِ
فقلتُ له: ما أغزَرَ وبْلَكَ! فقال: والشّرْطُ أمْلَكُ. فنفَحتُهُ بالدّينارِ الثّاني.
وللشاعر رشيد سليم الخوري الملقب بالقروي عن التبرج:
لـحـد الركبتـيـن تشمريـنـا بـربـك ايّ نـهـر تعبريـنـا
مضى الخلخال حين الساق أمسى تتطوّقهـا عـيـون الناظريـنـا
هوى عرش الجمال من المحيـا إلى الأقدام فاستهـوى العيونـا
كأن الثوب ظـل فـي صبـاح يزيـد تقلصـا حينـا فحيـنـا
تظنيـن الرجـال بـلا شعـور بلـى أنـت التـي لا تشعريـنـا
و مـاذا ينفـع التهذيـب نفسـا تحـارب فيـك إبليس اللعينـا
فيا ليت الحجاب هـوى فأمسى يـرد السـاق عنـا لا الجبينـا
فانّ السـاق أجدر أن تغطـى وانّ الوجـه أولى أن يبيـنـا
فتاة اليوم ضيعت الصوابا وألقت عن مفاتنها الحجابا
فلن تخشى حياءً من رقيب ولم تخشى من الله الحسابا
بربك هل سألت العقل يوماً أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم إلى الإسلام تنتسب انتسابا
ما كان التقدم صبغ وجه وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب وطبع الحمل أن يخشى الذئابا
ومن أحسن ما قيل:
النَّارُ آخِرُ دِينَارِ نَطَقْتَ بِهِ … وَالْهَمُّ آخِرُ هَذَا الدَّرهِمُ ْالْجَارِي
وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ وَرِعًا … مُعَذبُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهَمِّ وَالنَّارِ
وقال مالك بن الريب يهجو مروان:
لعمرك ما مروان يقضي أمورنا … ولكنما تقضي لنا بنت جعفر
فيا ليتها كانت علينا أميرةً … وليتك يا مروان أمسيت آخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *