لما انبعث أشقاهم يبشرنا بأن المواطنة تعني التعايش مع أدوات الدعارة، حتى لايبقى المجتمع على نفاقه الذي طالما اتهمه به، والنفاق عنده هو الحياء الذي لازال يتخلل أفراد المجتمع المغربي، إذ يمنعه من أن يجاهر بالمعاصي، حتى لا يطاله قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:”كلُّ أمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرينَ، وإنَّ منَ المُجاهرةِ أن يعمَلَ الرَّجلُ باللَّيلِ عملًا، ثُمَّ يصبِحَ وقد سترَه اللَّهُ، فيقولَ: يا فلانُ، عمِلتُ البارحةَ كذا وَكذا، وقد باتَ يسترُه ربُّهُ، ويصبِحُ يَكشِفُ سترَ اللَّهِ عنهُ”صحيح البخاري.
فهذا الأشقى منطقه منكوس، يمشي على رأسه، ﴿أفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الملك:22، ومفاهيمه معكوسة، تناقض مفاهيم الإسلام، وتوافق مفاهيم الكونية التي ماهي إلا مفاهيم غربية، لم تُستشر فيها شعوب العالم، بل فرضت عليها من علٍ، فيتقيؤها أمثال هذا الأشقى، بعدما يكون قد تماهى معها، وانسلخ كلية من ثقافته، وارتدى ثقافة غيره، والمغاربة يقولون:”إن المرتدي للباس غيره عريان”.إلا أن التعري في هذا الزمان أصبح قيمة مضافة، وفضيلة يناضل من أجلها المتجردون من الأخلاق والقيم الإسلامية، ليعلن لنا هذا الأشقى أن القبول بالمتاجر الجنسية هو من التحضر، وهو عين المواطنة التي ينبغي التحلي بها، فقبح الله هذه المواطنة التي على هذه الصفة من الفسق الذي يدعو إليه هذا الأشقى.
لكن البصيص من الأمل انبثق لما تحرك المجلس العلمي الأعلى من سكونه، واستيقظ من سباته، وأصدر فتوى قتل المرتد، إذ تكمن أهمية هذه الفتوى، ليس في ذاتها، ولكن في كونها صدرت عن المجلس العلمي الأعلى الذي طالما انتظره المغاربة، ليدلي بدلوه فيما يجري من أحداث في هذا الوطن، وألا يصم آذانه، كأنه ليس معنيا بما حوله، والأهم من رأي السادة العلماء، هو عدم خضوعهمفي هذه الفتوىلغير آليات العلم التي تحكمهم، بعيدا عن ضغوط بني علمان أو غيرهم.
إلا أن هذا الارتياح الذي عم صدورنا بتبوء المجلس العلمي الأعلى لمكانته، حتى يعود للسادة العلماء ذلك التقدير الغابر الذي كانوا يحظون به في نفوس الناس، باعتبارهم ملوكا غير متوجين، يشوش عليه الغبش الذي يحيط بالسياق الذي خرجت فيه الفتوى، وأدعو الله ألا تكون مجرد فتوى انفعالية في سياق التوتر الذي كان حاصلا بين المغرب وأمريكا حول مهمة المينورسو، باعتبار الفتوى “رسالة فزاعة” لمن يهمه الأمر…!
ثم ينبعث الأشقى من جديد، ويتجرأ أكثر على دين الله، ويفضح نفسه أشد ماتكون الفضيحة، ويسفر بوضوح عما يكنه قلبه من حقد على الإسلام، دون أن يختبئ وراء مقولة انتقاد المسلمين، وليس الإسلام.
إنه دعا إلى ضرورة إعادة النظر في الإيديولوجيا المؤطرة للمنظومة التربوية، لأنه حسب زعمه هناك أمور تدرس الآن للتلاميذ في الجذع المشترك تتعارض كليا مع حقوق الإنسان.
وأدعو القارئ الكريم الذي لم يطلع على نص هذا الكلام الخطير، أن يخمن ماذا يمكن أن تكون هذه الأمور المناقضة لحقوق الإنسان؟
هل هي من التراث الفقهي الذي يعتبره هذا الأشقى ليس من الإسلام في شيء، وإنما هو أقوال بشر يؤخذ منهم ويرد، وهي كلمة حق أريد بها باطل، لأنه لايرد أقوال العلماء قرعا للحجة بالحجة، وإنما حسب هواه الغربي الكوني.
وحتى لا أطيل على القارئ الكريم، أطلعه على القنبلة التي فجر هذا الأشقى في المجتمع المغربي المسلم، والتي لم تجد ردود الفعل المناسبة، لخطورة الأمر، خصوصا ممن يهمهم الأمر.
إنه صرح، وبكل وقاحةأن الرسائل التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك وزعماء ذاك الزمان، ما هي إلا رسالة تهديدية وإرهابية، ترتبط بسياق كان فيه الدين ينشر بالسيف وبالعنف.أما اليوم، حسب زعمه، فالمعتقد اختيار شخصي حرّ للأفراد.
ثم تابع هذيانه بالقول إننا يجب أن نحذو حذو النرويج التي لها دين رسمي جعلته منسجما كليا مع المنظومة الكونية.
إنه يدعونا إلى أن نكفر بدين رب العالمين، وأن نؤمن بمنظومته الكونية، فعليه من الله ما يستحق.
قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ، يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾التوبة:61-66.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً﴾الأحزاب:57.
ووالله إن باطن الأرض لخير من ظهرها، لما بدأنا نسمع سب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلدنا المسلم الذي دستوره ينص على أن دين الدولة الإسلام، فماذا ينفعنا الدستور عندما نقف بين يدي الله، ورسولنا يسب على مرأى ومسمع من العالم، وأصحاب الأمر، وكأنهم أصابتهم الصيحة؟
أين المجلس العلمي الأعلى مرة أخرى، حتى لا نصدق أن فتوى المرتد مجرد فقاعة سياسية؟
وأينالمداحون ليعبروا عن حبهم لرسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعن غضبهم لسبه؟
وأين المحتفلون بمولده الشريف، ليثبتوا أن الاحتفال، ولو أنه بدعة، نابع من تقدير لهذا الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه؟
أم أن الكل سيخضع لعصا الإقصاء والإرهاب التي يحملها بنو علمان في وجه كل من يخالفهم الرأي، مع أن السب ولو في حق أفراد الناس ليس من الاختلاف في الرأي في شيء، فكيف بسب رسول الأنام صلى الله عليه وسلم، فاللهم إنا نبرألك مما تقيأبه هذا الأشقى.
ولأن بني علمان لم تعد في وجوههم مزعة من حياء، فقدانبرت إحدى الحركات العلمانية لتحذر مما أسمته هجمات تحريضية ضد الأشقى، وكأن له الحق وحده في الكلام، أما خصومه فشريعته الكونية تحتم عليهم الصوم عن الكلام.ومما يدعو للاستهجان أنها استغربت وصفه بعدو الله، وإن لم يكن عدوا الله، فهل هو حبيب الله، وقد سب حبيبه!
ومن هذا المنبر أسائل السادة العلماء، هل حكم ساب الرسول صلى الله عليه وسلم في ديار الإسلاميختلف حسب العصور؟
وماقول السادة المالكية في ذلك؟
وما قول وزارة الأوقاف المنوط بها حماية الأمن الروحي للمغاربة؟