من الآداب الإسلامية التي تخص الشرب أن لا يتنفس الشارب في الإناء ولا ينفخ فيه، لقوله عليه الصلاة والسلام: “إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء…” متفق عليه, وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: “نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه” صححه الألباني.
والمقصود بهذا النهي: “إبانة الإناء عند إرادة التنفس” قاله ابن دقيق العيد, وقال النووي: “معناه لا يتنفس في نفس الإناء”.
والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شيء من الفم والأنف فيه ونحوه.
وأما النفخ في الشراب فإنه يكسبه من فم النافخ رائحة كريهة يعاف لأجلها ولاسيما إن كان متغير الفم، وبالجملة فأنفاس النافخ تخالطه، ولهذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين النهي في التنفس في الإناء والنفخ فيه.
ولأجل ذلك ورد استحباب التنفس خارج الإناء عند الشرب ثلاثا, كما في حديث أنس قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا ويقول: إنه أروى وأبرأ وأمرأ” قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا. رواه البخاري ومسلم.
مع العلم أن الشرب دفعة واحدة مباح لا كراهة فيه ودليل ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه لما دخل على مروان بن الحكم قال له: “أسمعت رسول الله صلى الله عليه أنه نهى عن النفخ في الشراب؟ فقال له أبو سعيد: نعم فقال له رجل: يا رسول الله إني لا أروى من نفس واحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأبِن القدح عن فيك ثم تنفس قال: فإني أرى القذاة فيه قال: فأهرقها”. حديث حين صحيح.
قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقا على هذا الحديث: “وفيه دليل على أنه لو روى في نفَس واحد ولم يحتج إلى النفس جاز، وما علمت أحدا من الأئمة أوجب التنفس وحرم الشرب بنفس واحد” الفتاوي 32/209.