شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

ميم الجمع:
اعلم أن الميم في القرآن على قسمين: ميم متحركة وميم ساكنة.
فالمتحركة لا يتعلق بها حكم، والساكنة على قسمين:
ساكنة في الوسط ولا يتعلق بها حكم أيضا، وساكنة في الطرف، وهي على قسمين:
ميم جمع: وهي المقصودة بالحكم في كلام الناظم، وميم أصل ولم يتعرض لها الناظم. وسنذكر أحكامها إن شاء الله تعالى.
حد ميم الجمع
ميم الجمع هي الميم الزائدة الدالة على جماعة الذكور.
فقولنا هي الميم الزائدة احترازا من الميم الأصلية: نحو (ألم يعلمْ) (وأن احكم).
ومن ميم التثنية نحو: (ولا تنهرهما).
علامة ميم الجمع
وعلامة ميم الجمع أن يكون قبلها أحد أربعة أحرف:
الهاء نحو: (أنهم) (ربهم) (بهم) (واسألهم).
والكاف نحو: (إنكم) (ربكم) (ينذرونكم).
والتاء نحو: (أنتم) (قلتم).
والهمزة في موضع واحد وهو: (هاؤم اقرءوا).
وهذه الحروف لا تكون إلا مضمومة إلا الهاء فإنها إن كانت قبلها كسرة أو ياء ساكنة فإنها مكسورة في اللغة المشهورة نحو: (بهم) (عليهم) (فيهم) وتضم فيما عدا ذلك على الأصل نحو: (إنهم) (عنهم) وشبهه.
الأصل في ميم الجمع
الأصل في ميم الجمع الضم والصلة بالواو بدليل صلتها بالواو إذا اتصلت بالضمير في وسط كلمة من كلمات القرآن[1] نحو: (أنلزمكموها) (فإذا دخلتموه) (أشركتموني) (آذيتمونا) ونحو ذلك.
وذهب ابن الباذش: (إلى أن الأصل في ميم الجمع السكون) وتعقب.
وفائدة الخلاف تظهر عند الوقف عليها وهناك نبرهن لذلك.
لغات ميم الجمع
ذكر أبو البقاء العكبري في كتاب إعراب القرآن[2] ص:9.
أن في ميم الجمع من لفظ (عليهم)[3] عشر لغات وكلها قد قرئ به: خمس مع ضم الهاء وخمس مع كسرها.
فالتي مع الضم: إسكان الميم وضمها من غير إشباع، وضمها مع واو، وكسر الميم من غير ياء، وكسرها مع الياء. نحو: عليهُمْ عليهُمُ عليهُمُو عليهُمِ عليهُمِي.
وأما التي مع كسر الهاء: فإسكان الميم وكسرها من غير ياء وكسرها مع الياء، وضمها من غير واو وضمها مع الواو عليهِمْ عليهِمِ عليهِمِي عليهِمُ عليهِمُو.
نص:
     القول في الخلاف في ميم الجميع      مقرب المعنى مهذب بديع
قوله: (القول) معناه: هذا القول في بيان مسائل الخلاف في ميم الجمع بين قالون وورش.
وكذلك مسائل الاتفاق وهو من باب حذف المعطوف وعليه قوله تعالى: (سرابيل تقيكم الحر) أي والبرد.
قوله: (في ميم الجميع) معناه: في الميم الدالة على الجمع وسماها ميم الجميع للوزن.
قوله: (مقرب المعنى)[4] يعني أن معانيه قد قربت إلى الفهم.
ومقربات المعاني إلى الفهم اللفظ المناسب وحسن السياق.
يجوز في قوله (مقرب) الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو مقرب المعنى ويجوز نصبه على الحال أي حال كونه مقرب المعنى.
قوله: (مهذب بديع) المهذب هو المخلص والمحرر من قولهم: هذبت الزرع إذا خلصته من التبن والبديع  المحدث الحسن.
وصـل ورش ضـم مـيــم الجــمع       إذا أتت من قبل همز القطع
قوله: (وصل ورش ضم ميم الجمع) أي: أن ورشا يقرأ ميم الجمع بالضم مع الصلة.
قوله: (إذا أتت من قبل همز القطع) يعني إذا وقعت قبل همز القطع وهذا طبعا في الوصل دون الوقف.
سواء كانت همزة القطع مفتوحة نحو: (سواء عليهم أنذرتهم) أو مضمونة نحو (ومنهم أميون) أو مكسورة نحو: (فاهدوهم إلى صراط الجحيم).
وهذه الصلة تكون بالواو ومقدارها الإشباع بالطولى التي تقدر بست حركات  للتقريب.
والسبب في ضمه إياها لأنه لو سكنها لزم نقل حركة الهمزة إليها فتصير الميم حينئذ مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة بتلك الحركة العارضة المنقولة إليها فيلتبس أصل الميم فضمها فرارا من ذلك.
والسبب في صلتها لأجل أن يتقوى على إخراج الهمزة لأنها حرف بعيد المخرج شديد الصفة.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد، والله تعالى أعلى وأعلم.
 —————————
[1]  لا في كلام النحاة.
[2]  المسمى بـ(إملاء ما منه الرحمن) وبـ(البيان في إعراب القرآن) وقد طبع بالعنوانين.
[3]  قلت: لابد من تقييد العشر لغات بهذا اللفظ لأن صاحب تحصيل المنافع أطلق العشر لغات في ميم الجمع مطلقا ونسبه لأبي البقاء العكبري وهو غلط عليه فإنه رحمه الله قيد العشر لغات بلفظ عليهم فتنبه
[4]  (المعنى) في اللغة هو المقصود وفي الاصطلاحا ما يتوصل به إلى فهم الشيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *