الدعاء هو العبادة

من أنواع العبادات التي من صرفها لغير الله وقع في الشرك: الدعاء, وهذا لأن الدعاء من جملة العبادات كما قال تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”غافر60.

يقول الطبري رحمه الله في تفسيره للآية: “.. وقد قيل: إن معنى قوله “إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي”: إن الذين يستكبرون عن دعائي” 21/408.
ويقول الحافظ ابن رجب رحمه الله في نور الاقتباس 66 بتصرف: “واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلا وشرعا وذلك من وجوه متعددة:
1ـ أن السؤال فيه بذل ماء الوجه, وذلك لا يصلح إلا لله وحده.
2ـ أن في سؤال الله عبودية عظيمة.
3ـ أن الله يحب أن يسأل.
4ـ أن الله تعالى يستدعي من عباده سؤاله”.
ولتقرير أهمية الدعاء من جملة العبادات قال عليه الصلاة والسلام: “الدعاء هو العبادة” أخرجه أبو داوود وغيره وصححه النووي في الأذكار وقال ابن الحجر في الفتح: “إسناده جيد”، وفي رواية ضعيفة -وإن كان معناها صحيحا-: “الدعاء مخ العبادة”.
قال ابن الأثير رحمه الله: “مخ الشيء: خالصه” النهاية 4/305.
فدل ذلك على أن الدعاء أهم أنواع العبادات من وجهين:
الأول: أن النبي صلى اله عليه وسلم أتى بضمير الفصل: “هو”، وضمير الفصل يفيد التوكيد.
الثاني: أنه أتى باللام في قوله “العبادة” فكأنه قال: “الدعاء هو العبادة لا غيرها”.
والدعاء في القرآن الكيرم يتناول معنيين:
الأول: دعاء العبادة, وهو دعاء الله إمتثالا لأمره.
الثاني: دعاء المسألة وهو دعاؤه سبحانه بجلب المنفعة ودفع المضرة.
فكلا النوعين عبادة لله سبحانه وتعالى, فإن الدعاء هو العبادة ومخها.
قال الناظم:
دعؤنا مخ لذي العبادة واقرأ بـ (غافر) ترى السعادة
فمن دعا غير الله بشيء لا يقدر عليه إلا الله فقد وقع في الشرك، سواء كان المدعو حيا أو ميتا, ومن دعا حيا بما يقدر عليه مثل أن يقول: يا فلان أطعمني فلا شيء فيه -مع تعظيم الله بالقلب والتوكل عليه-, ومن دعا ميتا أو غائبا بمثل هذا فقد وقع في الشرك كذلك، لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بذلك، فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفا في الكون وهذا شرك واضح.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *