يستحب للمسلم أن يكثر من قراءة القرآن في رمضان ويحرص على ختمه، لكن لا يجب ذلك عليه، بمعنى أنه إن لم يختم القرآن فلا يأثم، لكنه فوت على نفسه أجوراً كثيرة.
والدليل على ذلك: ما رواه البخاري (4614) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (أن جبريل كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فيه).
قال ابن الأثير في “الجامع في غريب الحديث” (4/64):
“أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن” انتهى.
وقد كان من هدي السلف رضوان الله عليهم، الحرص على ختم القرآن في رمضان، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فعن إبراهيم النخعي قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين. (السير 4/51).
وكان قتادة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة. (السير 5/276).
وعن مجاهد أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلة. “التبيان” للنووي (ص/74) وقال: إسناده صحيح.
وعن مجاهد قال: كان علي الأزدي يختم القرآن في رمضان كل ليلة. (تهذيب الكمال 2/983).
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. (السير 10/36).
وقال القاسم ابن الحافظ ابن عساكر: كان أبي مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم. (السير 20/562).
قال النووي رحمه الله معلقاً على مسألة قدر ختمات القرآن:
والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر، لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم، أو غيره من مهمات الدين، ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له.
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة” انتهى. (التبيان ص:76).
ومع هذا الاستحباب والتأكيد على قراءة القرآن وختمه في رمضان، يبقى ذلك في دائرة المستحبات، وليس من الضروريات الواجبات التي يأثم المسلم بتركها.