في سنة 1964 تم تقنين المراقبة المالية على المؤسسات العمومية(1)، ومراقبة الالتزام بالنفقات، إلى أن تم إصدار ظهير 3 أبريل 2002 المتعلق بمسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين الماليين والمحاسبين العموميين(2)، والذي حمل مجموعة من التجديدات الإيجابية على مستوى تنظيم وضبط المسؤولية المالية، فقد عمل هذا التنظيم على الإقرار القانوني بمسؤولية كل الأطراف المتدخلة في تسيير المال العام، سواء كانوا آمرين بالصرف أو مراقبين أو محاسبين عموميين؛ وأخيرا المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة سنة 2008(3).
هذه التجديدات حاولت سد الثغرات القانونية التي طبعت ظهير 2 أبريل 1955، والذي اتسم بالتركيز المطلق على المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي.
وفي الختام لا يفوتنا أن نشير إلى أن المغرب يعيش تطورات سياسية مهمة تميزت بتتابع عدد من الإصلاحات المرتبطة بالتدبير المالي وفعالية الرقابة خاصة مع الدستور الجديد المعدل بموجب استفتاء فاتح يوليوز 2011، الذي ركز على الحكامة الجيدة باعتبارها دعامة أساسية في الإصلاح المالي (الباب الثاني عشر: من الفصل 154 إلى الفصل 160)، حيث نص في الفصل 154 على ما يلي: «تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور».
كما حث على المساءلة المالية وتفعيل رقابة المال العام، حيث خص المحاكم المالية بمكانة مهمة في الدستور الحالي (الباب العاشر: من الفصل 147 إلى الفصل 150)، حيث نص في الفصل 156 على: «تقدم المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم».
وهذا باب واسع ومحاولة جادة لبداية إصلاح شامل لمنظومة الرقابة المالية بشكل عام وتزامنا مع تنزيل الظهائر والمراسيم المفسرة للدستور الجديد، لابد من إنجاز بحوث دقيقة ترمي إلى توصيف شفافية الرقابة المالية وتقديم مجموعة من الاقتراحات التي من شأنها أن تصلح المنظومة الرقابية بشكل عام، وما يتعلق بنظام المحاسبة العمومية على وجه الخصوص، وذلك بإقرار المساءلة المالية، وتدعيم الرقابة النزيهة، وتبني الحكامة الجيدة في تدبير المال العام باعتبارها أهدافا استراتيجية للدولة المغربية من أجل تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية بهدف تحقيق التنمية المنشودة والمستدامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – ظهير شريف رقم 271-59-1 بتاريخ 14 أبريل 1960، بشأن تنظيم مراقبة الدولة المالية على المكاتب والمؤسسات العمومية والشركات ذات الامتياز، وكذا الشركات والمنظمات المنتفعة بالمساعدة المالية التي تمنحها الدولة أو الجماعات المحلية، ج. ر. عدد:2478 بتاريخ 22 أبريل 1960، ص:350، كما وقع تغييره وتتميمه بموجب الظهير الشريف رقم:402-61-1 بتاريخ 30 يونيو 1962، ج. ر. عدد:2594 بتاريخ 13 يوليوز 1962، ص:654.
(2) – ظهير شريف رقم 25-02-1 صادر في 19 محرم 1423هـ (3 أبريل 2002م) بتنفيذ القانون رقم:99-61، المتعلق بتحديد مسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين، ج. ر. عدد:4999 بتاريخ 15 صفر 1423هـ ( 29 أبريل 2002م)، ص:1168.
(3) – Décret n° 2-07-1 235 du 5 Kiâda 1429 (4 Novembre 2008) relatif au contrôle des dépenses de l’état B.O n° 5684 du Jeudi 20 Novembre 2008.