صرح الرئيس الأمريكي المنتخب “باراك أوباما” أنه ينوي إلقاء كلمة في عاصمة بلد إسلامي فور توليه مهامه في العشرين من يناير المقبل لتصحيح صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. وفي مقابلة مع صحيفة “شيكاغو تريبيون” نشرت على موقع الصحيفة الإلكتروني ونقلتها وكالة الأنباء الفرنسية قال: “أعتقد أن أمامنا فرصة فريدة لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم وخصوصاً في العالم الاسلامي”.
وقد أفادت بعض المصادر أن المغرب هو الدولة المرشحة لتكون أول دولة يزورها “أوباما” ويوجه منها رسالته.
وفي هذا الصدد قال السفير الأمريكي السابق في المغرب “إدوارد كابرييل”: “شخصيا أدافع عن هذه الفكرة، فالمغرب يمثل لي أحسن دولة يمكن أن تمثل العالم الإسلامي..”.
وجراء ذلك استبشر عدد من المغاربة بهذا الأمر، ومنهم أمريكيون من أصول مغربية دعوا على موقعهم الإلكتروني “موروكو بورد” إلى أن يلقى هذا الخطاب من المغرب على اعتبار أن المغرب بلد التسامح والتعايش مع كل الأجناس على اختلاف مشاربهم، وهو البلد السائر بخطى حثيثة على درب الحداثة والانسلاخ من أصالته الدينية.
وبين إمكانية أن يلقي الرئيس الأمريكي الجديد خطابه في الرباط أو في القاهرة..، وترحيب الكثير من المغاربة وتطلعهم لأن يلقى هذا الخطاب في المغرب، يبقى التساؤل المطروح: ماذا نجني من وراء تحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي، أم أن هذا الخطاب سيكون القناع الأسود الذي يواري جرائمها في حق شعوبنا الإسلامية خدمة لمصالحها؟
وهل خطاب رئيس أمريكي جديد كفيل بأن ينسينا وحشية النظام الأمريكي وهمجيته في الحرب على الإسلام وإذلال المسلمين؟
إن استضافة أي دولة عربية للرئيس الأمريكي قصد إلقاء هذا الخطاب هو مؤشر على التبعية الشديدة التي تحياها هذه الدولة مع النظام الأمريكي، باعتبار أن “أوباما” سيختار دولة تعتبر الدولة المثالية للتبعية المرغوبة عند شيوخ المجلس الأمريكي واللوبي اليهودي العالمي، وهو ما عبر عنه عمدة واشنطن وهو يتحدث عن فكرة ترشيح المغرب ليكون البلد الذي سيتحدث منه “أوباما” حيث قال: “هذه فكرة حسنة، المغرب هو المكان المثالي لهذا الأمر”، ومن هذا المنطلق نرفض هذه الاستضافة لأنها ستكون بمثابة مساهمة كبيرة في إخفاء جرائم أمريكا، كما أنها تعتبر جريمة في حق الأجيال الصاعدة التي عايشت غزو أفغانستان واحتلال العراق.
فهل نرضى كمغاربة أحرار أن يكون بلدنا المغرب هو تلك القطعة من الثوب التي توضع لمسح الأحذية العسكرية الأمريكية الملطخة بدماء إخواننا في أفغانستان والعراق وفلسطين؟
هل نرضى أن نكون “الفوطوشوب” الذي سيلبس عرايا سجن أبو غريب ثياب الذل والمهانة لستر الشذوذ الأمريكي؟
هل نرضى أن نكون المنبر الذي يلقي من فوقه الرئيس الجديد خطابا يعدنا فيه بالسلام لتخدير مشاعر الملايين من المسلمين الذين حركت فيهم حروب أمريكا لأمتهم أحاسيس الغيرة فرجعوا إلى دينهم وعقيدتهم؟
هل سينسي المسلمين التصريح بإغلاق معتقل “غوانتانامو” والمعتقلات السرية المنتشرة في ربوع العالم بعد استنفاذ مهمتها إرهاب في أمريكا وترويعها للملايين منهم؟
هل سينسينا خطاب “أوباما” إعدام صدام حسين رحمه الله في يوم عيد الأضحى، لإهانة المسلمين وكسر كبريائهم؟
هل سينسينا خطاب “أوباما” جريمة تدنيس المصحف الشريف بمعتقل “غوانتانامو” وسجن أبو غريب على أيدي الجنود الأمريكيين؟
إن أمريكا تعمل دائما على تشويه التاريخ لتحسين صورتها، ولها ولمن يريد تشويه التاريخ معها نقول:
هل ستُوقِف أمريكا حربها على الإسلام؟
هل ستعتذر أمريكا لدولة أفغانستان التي صيرتها منذ الحرب ضد الاتحاد السوفياتي ساحة حرب ودمار، واستولت عليها بعد ذلك لنشر ديمقراطية الرصاص والقنابل؟
هل ستبني أمريكا العراق الذي خربته بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل (وبالمناسبة فسلاح الدمار الشامل عند أمريكا، هو كل شخص يهدد الأمن القومي الأمريكي)؟
هل سيعترف “أوباما” بالديمقراطية التي أوصلت حركة حماس لهرم السلطة في فلسطين، أم أن هذه الديمقراطية صارت مرفوضة لأنها أوصلت أصحاب الحق إلى مراكز القرار، مما استدعى الانقلاب عليها بالتعاون مع علمانيي فلسطين؟
هل يستطيع “أوباما” وقف الإرهاب الصهيوني، أم أن هذا الإرهاب هو في الأصل إنتاج أمريكي؟
ربما تصعب الإجابة على خطيبنا المنتظر (أوباما) وهو الذي صرح أمام مؤتمر “اللجنة الإسرائيلية الأميركية للشؤون العامة” في واشنطن بقوله: “أولئك الذين يهددون إسرائيل، يهددوننا. لقد واجهت إسرائيل دوماً التهديدات على جبهتها الأمامية..، إذا أصبحت رئيساً للولايات المتحدة سوف أجلب إلى البيت الأبيض التزاما راسخا لا يتزعزع بأمن إسرائيل”.
فهل بعد هذا يتشدق المتسامحون العلمانيون بفتحٍ دعائي للمغرب من وراء خطاب “أوباما”، أم أن المغرب بقبوله بهذه الزيارة سيكون قد ساهم في التعتيم على التاريخ الدموي لأمريكا؟