الثورة الجنسية لا تقبل اختزال الجنس فقط في مؤسسة الزواج إبراهيم بيدون

من تداعيات ما أثارته قبلة المراهقين الناظوريين، قيام حملة علمانية من طرف أدعياء تسيب الحريات الفردية؛ كان من صورها: الدعوة إلى نشر صور لـ”قبل” على نطاق واسع في شبكة التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، ووقفة أمام مقهى “باليما” قبالة البرلمان يوم السبت 12 أكتوبر المنصرم، وتبادل القبل مع بعضهم البعض أمام مرأى المارة والجالسين بالمقهى..
ومن أخطر صور تلك الحملة التنظير للتسيب الجنسي من خلال المقالات الصحفية والتصريحات التلفزية والحوارات، ومنها الحوار الذي أجرته أسبوعية الأيام في عددها (588)؛ مع الباحث الجنساني عبد الصمد الديالمي صاحب فكرة ضرورة الانفجار الجنسي للخروج من الكبت الذي يعيشه المجتمع.
حيث أكد في هذا الحوار على ضرورة تحرير العلاقات الجنسية، واستنكر حصرها في مؤسسة الزواج ومما قال بخصوص ذلك:
– منع الجنس قبل الزواج لم يعد اليوم مبررا..
– السلوك الجنسي يرفض البقاء في دائرة التحريم..
– لا يمكن اختزال الجنس فقط في مؤسسة الزواج..
وتساءل: لماذا نجعل من الزواج نظاما عاما ينبغي أن يخضع له الجميع؟
كما اعتبر المجتمع المغربي مجتمعا مكبوتا جنسيا؛ وفي مغالطة قال: “إن الجنس عرف مؤخرا انفجارا، ولم يعد باستطاعته الانحصار فقط في مؤسسة الزواج، وبالتالي فإن الشاذ في نظري هو وضع ترادف بين الجنس والزواج”.
ولأنه يبني أفكاره وتحليلاته على مغالطات واضحة، لا ترمي إلا للزج بالمجتمع المغربي في أتون التسيب الجنسي الذي يعيشه الغرب، وكل ذلك لأجل تحقيق نتائج نزواته الفكرية والجنسية، وهو المتأثر بقيم ومبادئ الغرب المادية المتحررة من كل قيد ديني أو أخلاقي، أو قانوني فيما يخص العلاقات الجنسية التي تكون بالتراضي؛ فإنه عندما سئل على ارتفاع عدد جرائم الاغتصاب وزنى المحارم في المغرب؛ قال في كذب واضح ومغالطة مكشوفة:
“هذه الأخبار المتواترة ليست إلا مؤشرا من مؤشرات عديدة تدل على أن المجتمع المغربي مريض وغير متحرر جنسيا، ويعيش حرمانا جنسيا هو الذي يؤدي إلى الاغتصاب وزنى المحارم، وهو أيضا ناتج عن غياب الحرية الجنسية، وعن غياب التربية الجنسية، وباختصار شديد، ناتج عن غياب المواطنة الجنسية، عكس ما يحدث في الدول الغربية التي تتمتع بحرية وبمواطنة جنسية، ولذلك لا تعثر على حالات الاغتصاب وزنا المحارم مثل ما يحدث عندنا..”.
وهنا أترك القارئ الكريم ليكتشف وحده المغالطة المكشوفة عند الديالمي؛ والتي تعد المخرج الوحيد عنده حتى لا يناقض مشروعه الداعي إلى انفجار جنسي في مجتمعنا.
فهل يسلم الغرب من جرائم الاغتصاب وزنا المحارم كما ادعى الديالمي، علما أن أفراده يعيشون قمة الحرية والمواطنة الجنسية والقوانين تضمن لهم ذلك؟
الواقع يكذب كل ذلك، والحقيقة أن رقما واحدا يصيب المرء بالدوار.
فمثلا: ثلث المراهقات الأمريكيات تعرضن للاغتصاب؛ فلماذا الكذب أيها الباحث والدارس؟
وبالنسبة لجريمة زنا المحارم، فالديالمي هنا قد أصاب من جهة أنها لا تسجل كجريمة، لأنها لم تعد جريمة عند كثير من حاملي فكر القيم الكونية والتحرر الجنسي، ولكنها كظاهرة مستفحلة وبشكل كبير، بلغت حدّ أن يعتقل الأب ابنته في قبو وتلد منه مجموعة أطفال، وتعيش سنوات عديدة في هذه المأساة بسبب الرغبة في إشباع الكبت الجنسي عند الأب البافلوفي البيدوفيلي..
هذه حقيقة منظري الحرية الجنسية في المغرب، ودعاة الحرية الفردية، والذين لا يمثلون سوى شرذمة قليلة داخل المجتمع المغربي..
وأما السلوكيات المنحرفة عند أفراد مجتمعنا المسلم فلا تعدو كونها مخالفات شرعية، كل من يمارسها يطلب من الله عز وجل العفو والمغفرة، وليس هذا نفاق كما يفهمه العلمانيون ويصدعون آذاننا به، ولو فقهوا أمر دينهم، وأن العبد بين مقام الطهرانية والانتكاسة يضعف فيخطئ ثم يتوب ويؤوب إلى مولاه، فيغفر ذنبه وحوبه، لما تشدقوا برمي غيرهم بتهمة النفاق، وهم أولى بها..
وفي الأخير لنا أن نتساءل: لما يجب أن تحصر الممارسة الجنسية في مؤسسة الزواج؟
والجواب على هذا السؤال يسع كل جزء في العالم قبِل أن يحرر الجنس ويخرجه من مؤسسة الزواج، فكانت النتائج:
– ارتفاع معدلات حمل السفاح..
– ارتفاع عدد أبناء الزنا..
– ارتفاع عدد الأمهات بغير أزواج (الأمهات العازبات)..
– ارتفاع ظاهرة الاغتصاب..
– ارتفاع أرقام الإجهاض..
– تطور مستوى الاستغلال الجنسي..
– المعاناة من العنف الجنسي..
– ارتفاع عدد المومسات ودور الدعارة، والتجارة بالجنس..
– انتشار الخيانة الزوجية، وزنا المحارم..
وغيرها..
ناهيك عن التمزق الأسري الكبير، بل واندثار ومسخ مفهوم الأسرة المكونة في أصلها من أب وأم وأطفال، إلى إمكانية أسرة مكونة من ذكر وذكر وطفل متبنى، أو أسرة مكونة من إنسان وحيوان، أو أسرة الزوجان فيها من المحارم: خالة وابن أختها..
فهل يمكن لعاقل أن يقبل بهذه الآفات والرزايا، وينسلخ من قيمه المستمدة من دين رباني مؤطِّر لكل سلوكيات الإنسان؛ لينغمس في وحل وأتون فكر وقيم حضارة مدمرة أخلاقيا ومجتمعيا؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *