المرواني والمعتصم من الخيار الثوري إلى المشاركة السياسية (م.ح)

كانت البداية مع «جند الإسلام»، وهو تنظيم ثوري سري نهج لنفسه خطا مختلفا عن خط الشبيبة المتأثر بمدرسة الإخوان المسلمين، وخط مجلة «الجماعة» المتأثر بالتصوف الثوري، تنظيم «جند الإسلام» الذي أسسه كل من محمد المرواني ومصطفى المعتصم، بعد انفصالهما عن الشبيبة الإسلامية، سنة 1981، بعيد الثورة الإيرانية، تأثر بالفكر السياسي الشيعي، والفكر التنظيمي لدى الحركات الماركسية اللينينة، والتوجه العقائدي والتربوي لسيد قطب.
بقي التنظيم منذ تأسيسه، إلى نهاية 1984 ، سريا مؤمنا بالعمل الثوري والتغيير الجذري، متأثرا كما قلنا بأدبيات الثورة الإيرانية ومنظريها، إلا أنه لم يكن يؤمن بالعمل المسلح، بعد 1984، بدأت تطرأ على التنظيم بعض التحولات والمراجعات المتعلقة بهويته الدينية والسياسية، وبحلول سنة 1988، سيتغير الاسم إلى «الاختيار الإسلامي»، وتغيرت معه القناعات والتوجهات والاستراتيجيات، فأصبح التنظيم يؤمن بالمشاركة والمدافعة السياسية، وسعى إلى منافسة «الجماعة الإسلامية» بزعامة بنكيران، وذلك بدعوة التنظيمات والجمعيات العاملة آنذاك بالساحة، إلى تشكيل ما أسماه: «الجبهة الإسلامية بالمغرب». وهو ما أكد عليه تنظيم «الاختيار الإسلامي» في مؤتمره الأول بطنجة سنة 1990.
أصبح التنظيم الجديد يدعو للدولة المدنية ودولة حقوق الإنسان، وطالب في مؤتمره الثاني سنة 1992، بتأسيس حزب إسلامي باسم حزب «الوحدة والتنمية»، على غرار «التجديد الوطني» لإخوان بنكيران، وهذا كان مطلب محمد المرواني، أما المصطفى المعتصم ومن معه، فقد كانوا أميل إلى فكرة تأسيس حزب سياسي وطني، بعيدا عن المرجعية الإسلامية، ويشتغل خارج قواعد المشاركة السياسية، على غرار «حزب الطليعة الاشتراكي».
وبدأ الخلاف يسري بين مكونات «الاختيار الإسلامي»، خاصة في المؤتمر الثالث سنة 1994، وفي سنة 1995 حدثت خلافات عميقة بسبب المرجعية والفكر وقضية التشيع، أدت لانسحاب مجموعة سميت ب: «المبادرة الوطنية للتصحيح»، التي ستثمر فيما بعد «الخط الرسالي الشيعي المغربي» الذي سيعلن عن نفسه سنة 2012.
ثم تخلى القياديان محمد المرواني ومصطفى المعتصم، عن «الاختيار الإسلامي» وأسسا تنظيما جديدا أسموه «حركة البديل الحضاري» انبثق منها سنة 1998 تنظيم جديد بزعامة المرواني هو: «الحركة من أجل الأمة»، التي عقدت مؤتمرها الأول أواخر 2001، وأكدت فيه على أنها «حركة علنية تلتزم الإسلام عقيدة ومنهجا» وأنها «مغربية منطبعة بمميزات الواقع المغربي وخصائصه»، وعبرت الحركة عن خطها العقدي والإيديولوجي والفكري والتربوي والسياس، في «رسالة البصيرة»، وهو كتاب أصدرته ستة 2002. وتحدثت فيه عن البناء العام للخط السياسي، وذكرت له خمسة عناصر، ثم قالت: «بناء على هذه العناصر الخمسة نؤصل لمطلب النظام النيابي البرلماني». وفي سنة 2006، سيتم إيداع ملف تأسيس «حزب الأمة» متضمنا مشروع البرنامج السياسي ومشروع النظام الأساسي ولائحة أعضائه التأسيسية، وسيتوصل الحزب سنة 2007، بإبطال تأسيسه من وزير الداخلية.
وانتهى الأمر بالنسبة لحركة «البديل الحضاري» إلى التحول لحزب، «البديل الحضاري» بزعامة مصطفى المعتصم. والذي شارك في انتخابات شتنبر 2007، غير أنه لم يحصل على أي مقعد، وراهن الحزب على التقارب مع اليسار وتشكيل قطب ديمقراطي، بإصداره مطلع 2001، «نداء الديمقراطية». وإصدار وثيقة «من أجل تشكيل جبهة وطنية لمناهضة الفساد» سنة 2006.
في مطلع 2008 ، أوقفت السلطات مسار وحلم حزبي «الأمة» و«البديل الحضاري»، وذلك باعتقال قيادات الحزبين، بتهمة الاشتغال في شبكة إرهابية خطيرة بقيادة بلعيرج. وبعد الإفراج عن تلك القيادات بعفو ملكي، بدأت معركة نضالية جديدة من أجل الحصول على رخصة للحزبين للاشتغال من داخل مؤسسات الدولة.
ولم يصدر أي بيان يحدد الموقف من انتخابات 07 أكتوبر القادمة، غير أن الأستاذ محمد حقيقي القيادي بالحركة من أجل الأمة، صرح لنا أنه مع خيار المقاطعة البناءة والهادفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *