1- أنتم من أشرس المعارضين للقانون الإطار المتعلق باللغة الفرنسية، هل لكم بداية أن تطلعونا على هذا القانون المثير للجدل؟
القانون الإطار 50-17 قانون مهم جدا، ومحكم الصياغة، يضم 24 صفحة و60 مادة، وأشياء كثيرة مهمة، ولكن فيه عطب كبير وقاتل، فيه مصيبة وكارثة، هي المواد 2، 31، 32.
هذه المواد، هي لتثبيت وشرعنة الهيمنة الفرنسية، ونقل اللغة الفرنسية من مكانها كلغة استعمارية متغولة على السيادة اللغوية، إلى وضعية اللغة المشرعنة.
2- لماذا ترفضون هذه المواد الثلاث؟
أنا أرفض هذه المواد الثلاث، لأنه لا نظير لها فوق الكرة الأرضية، لا نظير لها في الدول المستضعفة مثلنا، أرفضها لأنه لم يبدع أحد خارج لغته، ولم يطور أحد معرفة خارج لغته، أرفضها لأن العشرين دولة الأولى المصنفة بمعايير الأمم المتحدة الأقوى والأنجح، بيداغوجيا في مجال التعليم، هي دول تدرس عن طريق ممارسة سيادتها اللغوية.
التغليط الكبير في هذه المواد الثلاثة، هو زعم أن تدريس بعض المواد والمجزوءات، العلمية وغير العلمية، باللغة الفرنسية، هو طريقة بيداغوجية صحيحة، والهدف منه هو تحسين الأداء وتحسين التعلم، وهذا كذب.
تخيل لو أن طلبة الطب في فرنسا، يفرض عليهم غدا أن يدرسوا الطب بالعربية، كيف سينهار التعليم الطبي، أو بالصينية أو باليابانية أو حتى بالإنجليزية.
3- هل هذا رفض للغات الأجنبية؟
ليس لنا من موقف تجاه اللغات الأجنبية، إلا الموقف الإسلامي، في النهضة الإسلامية أيام العباسيين، في النهضة الأوربية خلال العصر الحديث، في النهضة الصينية واليابانية والكورية والتركية اليوم، شيء واحد وقانون واحد يجري على العباد جميعا، هو أن لنا معهم صلة الترجمة، بالترجمة ننفتح على اللغات الأخرى، بالترجمة ننفتح على الحضارات الأخرى، والمعارف الأخرى.
عبقري التنمية السريعة، محمد علي باشا، الذي يصنف في تاريخ البشر، على أنه الرجل الذي استطاع أن ينقل بلدا، من قمة التخلف إلى قمة التقدم، في أقل من ثلاثين سنة، وهو رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهو ألباني لا يعرف العربية، بل يعرف القليل من التركية، والألبانية شفهيا، لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك فهو عبقري التنمية السريعة، لأنه عوض أن يدرس المصريين الإنجليزية أو الفرنسية، أسس مدرسة الألسن واللغات، وجعل الشيخ مصطفى رفاعة الطهطاوي، مديرا لها، وخرج أجيال سريعة في أقل من ثلاث سنوات، من التراجمة، وكان كل ترجمان باللغات العديدة، يقف إلى جانب الأستاذ الذي جاءت به مصر، من رومانيا أو بلغاريا أو روسيا أو بريطانيا، فيدرس هذا الأستاذ المادة العلمية التي جاء لتدريسها بلغته الأصلية، ويترجم المترجم الواقف بجانبه من الذين كونتهم مصر، للطلبة ترجمة فورية، المواد العلمية من رياضيات وفيزياء وفلك وصناعة السفن والصناعات الحربية والبارود والمعادن والمدافع، بالعربية، وبهذا انتقلت مصر في ثلاثين سنة إلى القمة، ولولا اجتماع دول أوروبا عليها وتحطيمها كلية، وتفكيك مصانعها ونقلها في السفن إلى فرنسا، وتدمير الأسطول البحري، الذي أوقف السيادة المصرية، لكانت مصر رائدة ولكان لها شان آخر، لأن مصر في عهد محمد علي باشا، كان يأتي إليها الجواسيس من اليابان ومن أوروبا الشرقية، يتخفون في هيئة السياح، لينقلوا الحضارة المصرية، وكان تصنيف مصر، الدولة الخامسة في العالم، بعد أن كان تصنيفها من اواخر دول العالم قبل محمد علي باشا، الذي لم يختر التدريس باللغة الأجنبية، بل اختار الترجمة، لأن الترجمة هي أساس النهضة، ونحن نطالب بممارسة السيادة اللغوية.
اللغة هي قضية متخصصين وليس موضوع عشرة ملايين مغربي، يدرسون في القرى والسهول والجبال اللغة الفرنسية، من روض الأطفال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المقرئ الإدريسي أبو زيد: مفكر وبرلماني عن حزب العدالة والتنمية.