الأستاذ عبد الباري الصمدي (ابن الفقيد / أستاذ بالتعليم الثانوي وخطيب ومدرس بمسجد الفرقان بالحي الحسني):
“كان رحمه الله أبا عطوفا حنونا أغدق علينا الكثير من عطفه وحنانه الأبوي، عمل على تحفيظ خمس من أولاده الذكور القرآن الكريم كاملا، ولم يكل ولم يمل من ذلك، فكنا نجمع بين حفظ القرآن صباحا ثم نجد أمنا قد أعدت الفطور للذهاب إلى الدراسة”
قال: “كان يحمل مشعل قوله سبحانه وتعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} حيث آتاه الله من الحكمة والتواضع والحلم ما قل مثيله، وكان ينبذ الخلاف وما عليه الجماعات وكان الدليل مطلبه ومرماه ممتثلا قول الإمام مالك رحمه الله: “أين كان الدليل فهو مذهبي”، فلم يكن رحمه الله مالكيا متعصبا رغم إتقانه للمذهب المالكي بأصوله وفروعه بالإضافة إلى درايته بالمذاهب الأخرى.
كما كان يتحاشى أن يتسابق إلى الكلمة في المحافل رغم أنه كان أهلا لها بشهادة أهل العلم خصوصا الشيخ محمد الرافعي أطال الله عمره والذي كان يوصي قبل التحاقه بقطر؛ عند الفتوى بقصد الشيخ محمد الصمدي ..
وذاك كله طَبَعه الإخلاص ودرء الشهرة حيث كان يكره التزلف والأضواء فكان يردد كثيرا: “حب الظهور يقسم الظهور”.
الشيخ عبد العزيز الغراوي (خطيب ومدرس):
“فقدنا أبا وشيخا مربيا، ما عرفنا عنه إلا الخير، كان نعم الموجه، ونعم المرشد، ونعم المعين، نرجع إليه في الملمات، وفي ما أشكل علينا، ولله ما أعطى، ولله ما أخذ، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خير منها؛ المغرب -وخاصة الدار البيضاء-، فقدت نجما من نجومها، ونسأل الله سبحانه أن يعوضنا خيرا منه..
كان الرجل رجلا صالحا، ورعا، ولا نزكي على الله أحدا، وكان يحبنا محبة الأب لأبنائه، ونحن كذلك، نحبه محبة الابن لأبيهم”.
الأستاذ رشيد فريد (تلميذ الفقيد)
“نعزي أنفسنا، ونعزي جميع الناس، ونقول ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا على فراقك يا شيخنا لمحزونون.
الشيخ الصمدي رحمة الله عليه، هو المربي، وهو الأب، تربينا في أحضانه في ظل الكتاب والسنة والعقيدة، ربانا ودرسنا في هذا المسجد منذ الطفولة، وهو محيي السنة، في كل صغيرة وكبيرة، محبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ربانا على هذه الأخلاق، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خيرا”.
الأستاذ حسن أمين رئيس المجلس العلمي بعمالة مولاي رشيد
“أعزيكم في الفقيه العلامة سيدي (محمد الصمدي) الذي أعتبر شخصيا أنه بموته قد انهار في هذا الحي ركن من أركانه، قلما نجد من سيعوضه، فقد كان في هذا المسجد إماما، وخطيبا، وواعظا، ومرشدا، وموجها، وكل هذا يفعله في تواضع العلماء.
كنت أزوره هنا كل سبت في الصباح، وهو غير مدعو لحضور البرامج التي تطبق في كل يوم سبت، ولكنه بتواضعه كان يجلس إلى جانب الأستاذ المكلف بدروس البرنامج المعد للأئمة، كان يوجه، وكان يرشد، وكان يعِظ، وكان يفسر ..”
الشيخ الداعية رشيد مومن الإدريسي
“الشيخ رحمة الله عليه عرف بسمات كثيرة، ومن أشهرها: تواضعه، وحسن خلقه، ومن الأمور التي رأيتها فيه رحمة الله عليه، شدة ثباته في مجلسه، فكان يثبت في مجلس العلم، وهذه سنة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولصحابته الكرام، كما ذكرها الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في جامعه، وهذه السنة قلّ نظيرها في مثل هذا الزمن.
و الشيخ: شيخ سنة، ولم نعرف عنه إلا السنة، والتمسك بمذهب سلف الأمة، رحمة الله عليه رحمة واسعة، وألحقنا به مسلمين، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى وفق مذهب السلف”.
الأستاذ عبد الإله المنصوري (نجل الشيخ العياشي رحمه الله الإمام الأسبق لمسجد الشيخ الصمدي)
“العلامة الشيخ محمد الصمدي واحد من العلامات الفارقة في مجال الدعوة إلى الله، وفي مجال تدريس العلوم الشرعية، تتلمذ على يده المئات من الطلبة، منذ أن كان مستقرا في مدينة طنجة شمال المغرب، وحتى قبل ذلك في بوادي القصر الكبير، وهي البادية التي ولد فيها هذا العلامة الراحل، تلقى دروسه في القرآن، وفي المتون، وفي اللغة، على مجموعة من مشايخ تلك المنطقة، وظهرت عليه علامات النبوغ منذ طفولته الأولى، كان ذاكرة قوية، كان يمتلك قدرة هائلة على الحفظ، مثلما أيضا كان يملك قدرة هائلة على الوعي والفهم والتفسير، بعد إنهائه لدراسته، وانتقاله لمدينة طنجة، حيث تخرج معلما هناك، باشر خطواته الأولى على طريق الدعوة، وتدريس العلوم الشرعية، فتخرج على يده المئات -كما قلت- شمال المغرب، وحينما قدر له أن ينتقل إلى مدينة الدار البيضاء، عقب وفاة الراحل العياشي المنصوري، الذي كان إماما في هذا المسجد، تتلمذ على يديه -أيضا- المئات من طلبة العلم، وها نحن نلاحظ جزءا من الثمرات، أو من البذور التي غرسها.
كان سمحا في أخلاقه، لا تغيب عنه البسمة، كريما ذا روح مرحة، دروسه كان يستفيد منها، تستفيد منها كل الفئات الاجتماعية، من الأمي الذي ابتدأ التعلم، إلى المثقف الحامل للشهادة، كانت لديه قدرة هائلة على النقاش، وعلى السجال، وعلى احترام الآراء المختلفة، كان محط تقدير واحترام من طرف العلماء والدعاة في هذا البلد، كان -أيضا- محط احترام من طرف كل ألوان الطيف السياسي الموجودة في مدينة الدار البيضاء، كان رجل جمع وائتلاف، ولم يكن -أبدا- رجل تشتيت وفرقة، كان رحمه الله عمدة في العائلة، كان مرجعا يرجع إليه، كان إماما بحق وحقيق.
رحمه الله رحمة بالغة، وأجزل له الثواب والعطاء، وخلده في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
وما هؤلاء الآلاف من المؤمنين الذين جاءوا للتعزية فيه، إلا دليلا وبرهانا على أنهم سيكونون شهودا له في عالم الآخرة، يوم لا ينفع مال ولا بنون، رحم الله هذا الإمام، الذي فقدنا فيه فقيها، إماما، موجها، سمحا كريما، متألقا متواضعا.
كانت خصلته التواضع،كان لا يتكلم حتى في مجالس العوام، فأحرى في مجالس العلماء، لا يتكلم إلا إذا طلب منه ذلك،
ولن ينقطع عمله –إن شاء الله- لأنه ترك ذرية صالحة، وترك علما ينتفع به، وترك هؤلاء الذين سيدعون له آناء الليل وأطراف النهار، فرحمة الله عليه رحمة بالغة، في هذا المحفل الرهيب”.
الأستاذ صلاح الدين أبو إسحاق (تلميذ الشيخ):
“شيخنا محمد الصمدي -رحمة الله تعالى عليه- كان من المفسرين، وكان يقول: “نحن نفسر القرآن كما فسره السلف رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم”، فكان لا يفسر القرآن بالرأي، وإنما بالمأثور كما كان رحمه الله من أهل النحو، وشهد له العلماء بهذا، منهم: شيخنا عبد الله بن المدني ..
كان يدعو إلى العقيدة الصحيحة، والسنة الصحيحة، وكان يرد على أهل الأهواء، وعندما يرى أحدا من أهل النفاق كان يقول: “ذئاب في ثياب” ..
والشيخ -رحمة الله تعالى عليه- كان يحب الإتقان، في القرآن، وفي كل شيء، ويوما من الأيام جئت إلى الشيخ، وجلست معه خارج المسجد، فأسمعته القرآن بصوت الشيخ رشيد إفراد، فقال لي: “هذه القراءة تذكرني بقراءة السلف”..