يعد هذا الكتاب وثيقة أدبية ذات أهمية بالغة في النصف الأخير من القرن العشرين، فقد رصد المؤلف ثلاث روايات ظهرت ابتداء من عام 1959م، وأظهر ما فيها من افتراء على الإسلام وتشويه متعمد لعقيدته النقية، وتطاول على الذات الإلهية، والرسل الكرام، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.
وقد استعرض هذه الروايات بالترتيب بحسب ظهورها:
1- أولاد حارتنا لنجيب محفوظ.
2- الآيات الشيطانية لسلمان رشدي.
3- مسافة في عقل رجل (محاكمة الإله) لعلاء حامد.
والملاحظ أن روايتي الآيات الشيطانية، ومسافة في عقل رجل، قد ظهرتا في عام 1988م وهو العام الذي حصل فيه نجيب محفوظ على جائزة نوبل، وكان من أسباب حصوله عليها قصته “أولاد حارتنا” التي تُرجمت إلى الإنجليزية عام 1981م، وقد ضم هذا الكتاب “الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية” ستة فصول جاءت في 160 صفحة من القطع المتوسط.
ففي الفصل الأول (الهجوم على الإسلام قديماً وحديثاً) بيّن المؤلف أن هذا الهجوم يأتي ضمن أربعة مخططات هي:
المخطط الأول هو: مخطط استعماري صليبي بدأ منذ أن انتصرت حضارة الإسلام واحتكّ المسلمون بالنصارى في بلاد الأندلس، وبرز بشكل أوضح حين بدأت الحضارة الأوروبية تنهار، ولم يعد هناك استراتيجية صالحة إلا الإسلام، وقد سعت الصليبية إلى محاربة القرآن الكريم وتشويه أحكامه، والطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم وتشويه سيرته، ووضع الإسلام في مواضع المتهم.
والمخطط الثاني هو: المخطط الصهيوني الذي لم يتوقف منذ بدء رسالة الإسلام، وحتى يومنا هذا، ومما جاء في البروتوكول الخامس عشر من بروتوكولات حكماء صهيون: “لقد عنينا عناية خاصة بالعيب في رجال الدين غير اليهود والحط من قدرهم في نظر الشعب، وأفلحنا كذلك في الإضرار برسالتهم التي تنحصر في تعويق أهدافنا، والوقوف في سبيلها حتى لقد أخذ نفوذهم ينهار مع الأيام”.
والمخطط الثالث هو: المخطط الشيوعي من خلال الأنظمة الشيوعية، ومن خلال أذنابها ورجالها الذين يكونون الأحزاب الشيوعية التي تسعى لحرب الإسلام، والتشكيك في أصوله، وقد قام الأذناب والعبيد في كثير من بلاد المسلمين بتنفيذ المخطط.
وفي الفصل الثاني (استغلال الأدب في محاربة الإسلام) فبيّن أن الحركة التنصيرية كحركة معادية للإسلام تضع الأدب وفنونه في المكان الصحيح، فهي تخطط وترصد الإمكانات المادية الكافية وتهتم بترجمته، وتوعز إلى النقاد للإشادة به، وترصد له الجوائز وتقدمه في وسائل الإعلام المتعددة، وتسعى إلى نشره وتعميمه.
وأما الفصل الثالث: “حرية العقيدة والفكر والرأي” ففيه رد على الذين تطوعوا للدفاع عن هذه الأعمال من العلمانيين والشيوعيين وفضح للمغالطات التي يتسترون وراءها، مبيناً أن حرية الفكر والرأي مكفولة للمسلمين ولغيرهم ما دامت لا تحمل على الفوضى، أو تثير الفساد والإفساد، أو تكون أداة لهدم أسس الإسلام.
ويقف في الفصل الرابع عند رواية نجيب محفوظ “أولاد حارتنا” التي نشرها في جريدة الأهرام عام 1959م وكانت سبباً في حصوله على جائزة نوبل عام 1988م وأوضح فيه:
أن الجدل ثار حول رواية “أولاد حارتنا” حين نشرها محفوظ عام 1959م، وأن الأزهر قد احتج عليها يومذاك، وأن الذين اهتموا بها من أجانب ومستشرقين، وجدوا فيها ضالتهم وأدركوا أنها قصة تحطم كل ما هو مقدس من “الأديان” والرسل والكتب والغيبيات.
ويشهد لهذا علماني مصري (غالي شكري) فيرى أنها تعبير عن انتصار قيمة العلم على قيمة الدين.
وفي الفصل الخامس “آيات سلمان رشدي الشيطانية” تحدث المؤلف عن اهتمام أوروبا برواية آيات شيطانية، ودفاعها عنه وتسابق دور النشر فيها إلى طباعتها، وأنه أي سلمان رشدي لم يكن سوى المجرم الظاهر، وأما المجرم الحقيقي والمتستر فهو هيئة تنصيرية تتخذ من بريطانيا مستقراً ومقاماً، وتعمل بين الهنود والباكستانيين المهاجرين، وتشيع بينهم مقولة “الإسلام دين الشيطان” وقد اصطادت سلمان وغيره، وهو قام بدور قذر في التهجم على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، ولم يكن أديباً مبتكراً يحاول أن يستخدم إمكانيات الفن الروائي لتجربة تجسد رؤية مبتكرة ناضجة، بل مجرد مهرج يعيد إلى الغربيين الصورة المرتكزة في أذهانهم عن الإسلام بنفس عناصرها البالية المألوفة.
وأما الرواية الثالثة “مسافة في عقل رجل” أو محاكمة الإله، فهي لأحد المجاهيل “علاء حامد” وقد تعرض مؤلف هذه الرواية الآثمة للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة التي وجهت إليه عدة اتهامات منها الطعن في الذات الإلهية، والتهجم على الأديان، وسب الرسل والأنبياء، وإنكار مسلمات العقيدة من ثواب وعقاب وجنة ونار، واستندت المحكمة على إدانة الأزهر لهذه الرواية، وقضت بسجن كاتبها ثماني سنوات عقوبة له.
والجدير بالذكر أن سلمان رشدي رشح للفوز بجائزة “بوكر” الأدبية، وهي أرقى جائزة بريطانية سنوية قيمتها (15) ألف جنيه استرليني، وروايته “الآيات الشيطانية” هي التي أهلته لذلك، ولم يقف الأمر عند هؤلاء الثلاثة، فما يزال مسلسل التهجم على الإسلام مستمراً، وما يزال الذين يفعلون ذلك يلقون التأييد والحماية، كما يحصل اليوم للبنغالية “تسليمة نسرين” التي تهاجم الإسلام وتشريعه، ويقام لها المؤتمرات الصحفية والمحاضرات، ويعتنى بتصريحاتها وأفكارها.
عرض: يحيى بشير حاج يحيى
عضو رابطة أدباء الشام