حركة الاتجاه الإسلامي بتونس”حزب النهضة”

وتتخذ الحركة الوسائل التالية لتحقيق هذه المهام:
إعادة الحياة إلى المسجد كمركز للتعبد والتعبئة الجماهيرية الشاملة أسوة بالمسجد في العهد النبوي وامتداداً لما كان يقوم به الجامع الأعظم، جامع الزيتونة، من صيانة للشخصية الإسلامية ودعماً لمكانة البلاد كمركز عالمي للإشعاع الحضاري.
تنشيط الحركة الفكرية والثقافية، ومن ذلك: إقامة الندوات وتشجيع حركة التأليف والنشر، وتأصيل وبلورة المفاهيم والقيم الإسلامية في مجالات الأدب والثقافة عامة وتشجيع البحث العلمي ودعم الطلاب، واللباس الشرعي للفتيات.
هذا الوضع أثار صحيفة اللوموند الفرنسية فكتبت صفحة كاملة سنة 1974م تحذر بورقيبة من ظاهرة الصحوة الإسلامية، وخطرها على التقدم والمدنية في تونس.
في نفس السنة شنَّت جرائد الحزب الحاكم حملة شعواء على الإسلاميين وسخرت منهم، ثم انتقلت إلى التهديد والوعيد وما إن أعلن راشد الغنوشي عن تشكيل المكتب السياسي العلني الأول لحركة الاتجاه الإسلامي، وتقدم بطلب رسمي للترخيص القانوني بقيام الحزب حتى دخلت مجال العمل السياسي وبدأت الحرب ضدها.
سنة 1981م فتحت أبواب السجون لرجال الحركة الإسلامية وصدرت أحكام بسجن ما يقرب من 200 منهم بتهم ملفقة.
سنة 1984م أطلق سراح العاملين بحركة الاتجاه الإسلامي، وحرموا حقهم في الوظيفة ومنعت صحفهم الإسلامية من الصدور وتم توقيف دروسهم في المساجد.
سنة 1986م أعلن بورقيبة أنه سيكرس العشر سنوات القادمة من حياته لمحاربة الاتجاه الإسلامي.
وفي سنة 1987م/ رجب 1407هـ أعيد رجال الحركة إلى السجون التونسية.
ـ وفي نفس هذه السنة سقط بورقيبة ومات سياسياً على يد حركة الاتجاه الإسلامي.
وجاء ابن علي خليفة بورقيبة واستبشر المسلمون خيرًا، إلا أنه اتّبع سياسة بورقيبة بعد ذلك في محاربة حركة الاتجاه الإسلامي…
المبادئ والأفكار:
جاء في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي أن الحركة تعمل على تحقيق المهام التالية:
ـ الإعلام الملتزم حتى يكون بديلاً عن إعلام الميوعة والنفاق.
ـ دعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع الاهتمام باللغات الأجنبية.
ـ رفض العنف كأداة للتغيير وتركيز الصراع على أسس شورية تكون هي أسلوب الحسم في مجالات الفكر والثقافة والسياسة.
ـ رفض مبدأ الانفراد بالسلطة الأحادية (Unipartisme) لما يتضمنه من إعدام لإرادة الإنسان وتعطيل لطاقات الشعب ودفع البلاد في طريق العنف، مع إقرار حق كل القوى الشعبية في ممارسة حرية التعبير والتجمع وسائر الحقوق الشرعية، والتعاون في ذلك مع كل القوى الوطنية.
ـ بلورة مفاهيم الإسلام الاجتماعية في صيغ معاصرة وتحليل الواقع الاقتصادي التونسي حتى يتم تحديد مظاهر الحيف وأسبابه، والوصول إلى بلورة الحلول البديلة.
ـ الانحياز إلى صفوف المستضعفين من العمال والفلاحين وسائر المحرومين في صراعهم مع المستكبرين والمترفين.
ـ دعم العمل النقابي بما يضمن استقلاله وقدرته على تحقيق التحرر الوطني بجميع أبعاده الاجتماعية والسياسية والثقافية.
ـ اعتماد التصور الشمولي للإسلام، والتزام العمل السياسي بعيدًا عن اللادينية والانتهازية.
ـ تحرير الضمير المسلم من الانهزام الحضاري إزاء الغرب.
ـ بلورة وتجسيم الصورة المعاصرة لنظام الحكم الإسلامي بما يضمن طرح القضايا الوطنية في إطارها التاريخي والعقائدي والموضوعي مغاربياً وعربياً وإسلامياً وضمن عالم المستضعفين عامة.
ـ توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع المسلمين كافة: في تونس وعلى الصعيد المغاربي والعالم الإسلامي كله.
ـ دعم ومناصرة حركات التحرر في العالم.
الجذور الفكرية والعقائدية:
ـ حركة الاتجاه الإسلامي قامت على منهج حركة الإخوان المسلمين في مصر والعالم العربي، (ولهذا فيلحقها ما يلحق أصلها من مؤاخذات).
ـ كما تأثرت الحركة بمنهج المدرسة العقلية (المعتزلة ـ أهل الكلام) في التاريخ الإسلامي؛ كما يظهر ذلك جليًا في كتابات مؤسسها.
الانتشار ومواقع النفوذ:
انتشر فكر الحركة في تونس بشكل خاص وأعلنت الحركة عام 1985م عن مكتبها التنفيذي الثالث برئاسة الأستاذ راشد الغنوشي والأستاذ عبد الفتاح مورو أميناً عاماً، وعضوية السادة حمادي الجبالي والحبيب اللور والحبيب السويسي واعتُرف بالحركة رسمياً عندما استقبلهم الوزير الأول محمد المزالي في قصر الحكومة، واعترفت كل الأطراف بالوجود السياسي الفعلي لحركة الاتجاه الإسلامي واضطرت للتعامل معها، وكانت جريدة الرأي وسيلة النشر لمؤلفات بعض مفكري الحركة مثل الدكتور عبد المجيد النجار ومحسن الميلي وعندما تولى ابن علي السلطة أفرج عن رموز الحركة في البداية واضطر قادتها في 8 فبراير 1989م أن يتقدموا بطلب تأشيرة للسماح للحركة بمزاولة نشاطها تحت اسم جديد هو “حزب النهضة” تمشياً مع قانون الأحزاب ولكن سرعان ما غيرت السلطة موقفها وقلبت لهم ظهر المجنَّ، وسارعت إلى القبض على الكثير من شباب الحزب وأودعتهم السجون واضطر الكثيرون من رموز الحركة إلى الفرار بدينهم إلى خارج البلاد بعد مصادرة نشاطها.
ويتضح مما سبق:
أن حركة الاتجاه الإسلامي بتونس هي حركة إسلامية تتبنى كثيراً من المفاهيم الفكرية لحركة الإخوان المسلمين، وهدفها القضاء على المد العلماني، وبعث الشخصية الإسلامية وتجديد الفكر الإسلامي، وإعادة بناء الحياة الاقتصادية على أسس إنسانية، وبعث الكيان السياسي والحضاري للإسلام داخل البلاد وخارجها في ظل إعلام إسلامي ملتزم، ورفض كامل للعنف كأداة للتغيير، وتكريس السلطة الإسلامية الشورية الجماعية والانحياز إلى صفوف المستضعفين من العمال والفلاحين، ويلحقها ما يلحق جماعة الإخوان من مؤاخذات؛ إضافة إلى الانحراف بالجماعة نحو الفكر العصراني المتميع والمخالف للنصوص الشرعية استجابة للواقع المنحرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *