لماذا اخترنا الملف؟

تفخر الدول بعلمائها وتوليهم جل اهتماماتها، ترعاهم وذويهم تغدق عليهم وتحقق مطالبهم، تعمل على استقطاب كل ذي علم ومعرفة، تصنع العقول وتطور الحقول وتمضي نحو غمار العلم لتصنع التاريخ ولتسيطر على مجرياته.
أما نحن فجعلنا من عقولنا وعلماءنا طيورا مهاجرة، بل قد لا يجد العالم في بلده الأمن والأمان أو حتى السؤال عن الحال.
أظهرت دراسة حديثة أن هجرة العقول العربية تكلف العالم العربي أكثر من مائتي مليار دولار، ويبلغ الإنفاق على البحث العلمي والتقني في الوطن العربى درجة متدنية مقارنة ببقية دول العالم حيث لا يتجاوز الإنفاق السنوي للدول العربية على البحث العلمي 0.2 % من إجمالي الموازنات العربية، في حين تبلغ هذه النسبة في أمريكا 3.6 % وفي الكيان الصهيوني 2.6 %.
مما يدفع الطالب المجتهد النجيب للتوجه إلى الغرب لتعلُّم المزيد وتكون النتيجة إما أن تُقطف ثمرة نجاحه في أرض غير أرضه، أو أن يقبع في السجون أو أن يرجع مخبولا مجنونا، أو أن يعود عدوا لدينه ووطنه.
ومن كان مخلصا لدينه بارا بأمته فسيكون دمه مهدرا مستباح الحمى من أعداء الأمة.
وها هم العلماء العراقيون يتعرضون لسياسة ثابتة قوامها التصفيات الجسدية والمعاملات التعسفية، التي دفعت بالعديد منهم إلى ترك وطنهم واللجوء إلى دول أخرى، ما يتسبب بخسارة فادحة للمجتمع العلمي العراقي خصوصا والإسلامي والعربي عموما.
العلماء العراقيون، والذين يُقدَّرون وفقًا لإحصاءات أمريكية بالآلاف، منهم خمسمائة عالم تعتبرهم المخابرات الأمريكية والصهيونية نخبة علماء العراق المقربين من “صدام”، والذين شاركوا بشكلٍ كبيرٍ في بناء برنامج التسلح العراقي، الأمر الذي كان بمثابة رعب شديد لـلكيان الصهيوني إلى حين سقوط بغداد، وتتضافر تقارير عالمية لتؤكد وجود فرقة مكونة من مائة وخمسين عنصرًا من “الكوماندوز الإسرائيلي” مهمتها متابعة العلماء المرصودين وتصفيتهم، وهناك تقارير متعددة حول عمليات التصفية التي تمت إلى الآن، وتصل وفق بعض المصادر إلى أكثر من 300 عالم.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” “الإسرائيلية” مؤخرا أن رئيس الوزراء الصهيوني “ايهود أولمرت” قدم للرئيس الأمريكي “جورج بوش” خلال لقائهما في 13 نوفمبر الماضي في واشنطن، كتابا حول الغارة الصهيونية على مفاعل تموز النووي العراقي.
وأوضحت الصحيفة أن الكتاب وهو بعنوان “تموز يشتعل” للصحافي “شلومو نكديمون” يروي بدقة متناهية تفاصيل المحادثات الأمريكية الصهيونية التي سبقت قصف الطيران الحربي الصهيوني لمفاعل تموز قرب بغداد في 30 شتنبر 1980، يذكر أن ثماني طائرات “إف-16” وست طائرات “إف-15” شاركت في الغارة.
لن أطيل في الحديث فالخطاب ممهور بدماء علماء المسلمين المهدرة، وحتى نبين كيف تغتال الأمة في علماءها وعقولها وقدراتها التي لها القدرة والكفاءة على الرفع من شأنها، أعددنا هذا الملف لتسليط الضوء على الإرهاب الفكري والجسدي الذي يتعرض له علماء المسلمين على يد من يدَّعون الحضارة ويصفوننا بالرجعية والتخلف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *