هو أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن القَبّاب الجُذَامي الفاسي.
ولد الإمام القباب بفاس عام 724هـ، كما ذكر تلميذه السراج، ونشأ بها حيث كانت حاضرة علم وثقافة، فعكف على موائد العلم والعلماء، مستمعا وطالبا ومتعلما، وهذا لم يمنعه من زيارة بعض الأقاليم القريبة منه.
شيوخه
من أبرز شيوخه رحمه الله: أبو الحسن علي بن محمد بن فرحون المدني ت 746هـ، أبو عبد الله محمد بن علي بن سليمان السطي حافظ المغرب المبرز في الفرائض ت 750هـ، وأبو فارس عبد العزيز القروي شارح المدونة ت 750هـ، وأبو عبد الله محمد الفشتالي قاضي جماعة فاس توفي 777هـ، وأبو محمد عبد الله الوانغيلي الضرير فقيه حافظ يفتي بفاس.
تلاميذه
من أبرز تلاميذه رحمه الله الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي اللخمي الأندلسي ت790هـ، وعبد الله بن محمد بن أحمد الشريف الحسني التلمساني ت 792هـ، وأبو زكرياء يحيى بن أحمد بن محمد النفزي الحميري الوندي الأصل الفاسي المولد والوفاة المعروف بالسراج ت805هـ، وأبو االعباس أحمد بن حسن بن علي بن الخطيب المعروف بابن قنفذ القسنطيني ت 809هـ، وأبو علي عمر بن محمد الرجراجي الفاسي ت 810هـ.
مؤلفاته
للمترجم مؤلفات تشهد بتقدّمه ونباهته، منها: “شرح الإعلام بحدود قواعد الإسلام للقاضي عياض (ت 554هـ)”، و”شرح مسائل بيوع ابن جَماعة التونسي(ت 712هـ)”، و”مختصر النظر في أحكام النظر بحاسة البصر لأبي الحسن بن القطان الفاسي(ت 628هـ)”، وله أيضا نوازل وأجوبة وفتاوى كثيرة، ومناظرات مع أهل عصره، مثل مناظرته مع العلامة سعيد العُقْباني، ألفها هذا الأخير وسماها: “لُبّ اللّباب، في مناظرات القباب”، نقلها المازوني ثم الونشريسي في نوازلهما، وله مناظرة مع شيخه أبي عبد الله الفَشْتالي، ومناظرة أخرى مع تلميذه أبي إسحاق الشاطبي (ت 790هـ).
أثنى على المترجم ـ رحمه الله ـ علماء عصره فمن بعدهم، فقال فيه لسان الدين ابن الخطيب: (هذا الرجل، صدر عدول الحضرة الفاسية، وناهض عشهم، طالب، فقيه نبيه مدرك، جيد النظر، سديد الفهم…، ثم تعرفت أنه نسك ورفض العيش من الشهادة ككثير من الفضلاء).
وحلّاه أبو عبد الله الحضرمي بقوله: (العالم العامل، ذو العقل الكامل، والطبع الفاضل، التائب التقي، والفقيه المفتي…، ممن يعرف بالفضل والدين، ويعد في العلماء العاملين، تاب فحسنت توبته واستبانت فضيلته…، وسيرته الآن سيرة أهل الفضل من أكابر من تقدمه على الدؤوب على قراءة العلم وإقرائه، واكتساب الطّيّب والتقشف، وترك متاع الدنيا والتواضع للخاص والعام، وخفض جناح الرحمة للضعفاء والمساكين).
وصفه تلميذه أبو زكرياء السراج بعد عودته من الحج قائلا: (قفل على حالة مرضية عديم النظير في وقته، فذا في طريقته مقصودا للفتوى معدودا في أهل البر والتقوى، ملتزما لقراءة العلم العظيم الجدوى).
وعده مؤلف “بلغة الأمنية” إماما في الأصلين، قائما على الفروع، عارفا بالأحكام، حافظا للنوازل، مشاركا فيما سوى ذلك، حسن الحظ، كثير الاجتهاد والتقييد، هذا في الجانب العلمي، أما في جانب القضاء، فقال عنه: (كان شديد السطوة في أحكامه مغلظا على الظلمة مهينا لهم).
وحلّاه تلميذه ابن قنفذ بقوله: (الفقيه المحقق الحافظ الإمام المتقن الصالح المفتي).
وفاته:
بعد حياة مليئة بالتعلم والتعليم والعلم الصالح وافت المنية أبا العباس القباب، قبل أن يختم النصف الأول من العقد السادس من عمره، ببلده فاس، واختلف مترجموه في سنة وفاته، ورجحوا سنة 778هـ.