نساء مغربيات من «ثريات في الدار».. إلى مهدورات الكرامة في الشارع

لماذا اخترنا الملف؟
عقب تصريح لرئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران قال فيه: » دور المرأة في الأسرة أساسي لها وأساسي للرجل وأساسي للمجتمع والبشرية جمعاء.. لماذا لا نعترف بهذا الدور الرباني الذي خلق الله تعالى المرأة مؤهلة له.. لماذا تعتبرون المرأة لا تشتغل حين تهتم ببيتها وحين تهتم بتربية أبنائها، ألا تعلمون أن النساء حين خرجن من البيوت انطفأت البيوت، أنتم لا تعرفون هذا لأنكم عشتم في بيوت فيها ثريات؛ وكن أمهاتكم تمتعتم بدفئهن، ورعايتهن وأكلهن وشرابهن ومراقبتهن، وكبرتم في إطارهن رجالا تبارك الله ونساء في نفس الوقت، ولكن اليوم الطفل وعمره ست سنوات يعود إلى البيت يتدبر شأنه بإمكانياته الشخصية ينتظر عودة والديه والله تعالى يعلم ما يتعرض له في ذلك الوقت، لا تعيبوا علينا أننا نأخذ بعين الاعتبار البعد الأسري ونعطيه أهمية كبرى، إذا كان هذا خطأ فنحن نتبنى هذا الخطأ ونعتز به، ونشعر أن الله تعالى شرفنا بالدفاع عنه في وجه هذه المعاصرة التي تريد أن تلغي هذا البعد، وكأن المرأة رجل والرجل امرأة».
كانت هاته الكلمات القليلة كافية لتثير حفيظة النسويات المتأهبات للنضال من أجل المحافظة على المكتسبات، وما يعتبرنه حقوقا للمرأة المغربية، فتصريحات رئيس الحكومة أزعجت فعلا نسويات ونسويين يعتبرون عمل المرأة في بيتها عبودية وفكرا ذكوريا يجب أن يختفي، فقامت بوقفة احتجاجية أمام البرلمان تعبيرا عن رفضهن لتصريحات رئيس الحكومة.
وقد تميزت الوقفة بحضور قليل وباهت؛ وكان يؤثثها بعض الوجوه من ذوي العداء الفكري والأيديولوجي المتجذر لتيار بنكيران؛ من قبيل سميرة سطيل وأحمد عصيد، هذا الأخير الذي بدا من خلال تصريح له لإحدى الجرائد الإلكترونية ضعيفا ومهتزا، لم يجد ما يعارض به طرح رئيس الحكومة كالعادة؛ سوى اللمز والطعن والعمل على خندقة فكر كل مخالف في دائرة الإرهاب والتطرف؛ والاستناد دون مبرر إلى دستور البلد الذي لطالما وصفه بالنفاق وأبدى رفضه لمضمونه.
لكن رغم مسلك القمع وكل هاته المحاولات البائسة تبقى ضرورة فتح نقاش جاد وبناء حول الفراغ الذي أحدثه خروج المرأة إلى سوق العمل ضرورة ملحة، وموضوعا في غاية من الأهمية يجب أن يخرج من طابع التعتيم والسرية إلى الوضوح والعلنية، وطابو يجب كسره حتى نخرج من حالة التناقض وظاهرة النفاق المجتمعي الذي يكرسه بالإرهاب والقمع والاضطهاد مرتزقةُ الحرية.
لا شك أنه آن الأوان أن نضع جميعا النقاط على الحروف، ونفرق بين الحرية والفوضى، وبين الانضباط والتسيب، خاصة بعد أن صار للحرية اليوم مرتزقة يجنون من ورائها أرباحا طائلة، ويحققون من خلال الدعوة إلى «الحرية الفردية» «مآرب فردية» ومكاسب سياسية واجتماعية، نعم هنالك مخلصون وصادقون في مجال الدفاع عن الحرية، لكن عددا غير قليل ممن يرفع شعار الحرية يمارس من وراء هذا الشعار أبشع أنواع الاستغلال والاستبداد والديكتاتورية.
وحتى نجلي الصورة حول جوانب من معاناة المرأة العاملة، وبعض المشاكل التي تعترضها، ودوافع خروج النسويات للاحتجاج ورفضهن النقاش حول عمل المرأة؛ ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *