لعل أسَّ مقال الأستاذ رفيقي أن للخوارج محددين اثنين لا يوجدان في (داعش) وهما (التكفير بكبائر الذنوب) و(عدم الأخذ بالسنة).. فقد قال في مقال له نشره مؤخرا أثار طائفة من الانتقادات:
(أعظم أصلين يقوم عليهما مذهب طائفة الخوارج، بل لا تصح نسبة أي طائفة إلى فرقة الخوارج ما لم تلتزم بهذين الأصلين: التكفير بكبائر الذنوب، وإنكار العمل بالسنة).
وهذا خطأ… ويكفي لنقض هذا أن يكون هناك مثال واحد لخوارج متفق على خارجيتهم لم تتحقق فيهم هاتان الخصلتان.. وهم الإباضية.
فالإباضية لا يكفرون بالكبائر على طريقة (النجدات) الأوائل، فهم يقولون إن مرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة لا كفر ملة… ويقولون بحجية السنة… ولهم كتاب في الحديث على زعمهم وهو مسند الربيع، عليه يعتمدون، وإن لم يصح نسبة الكتاب إلى صاحبه! لكنهم يرون السيف!
بل إن المُحَكِّمة الأوائل لم يكفروا بالكبائر، إنما كفروا بما لا يستحق فاعله الكفر.. فضلا عن أن يكون كبيرة، فقد كفروا من حكَّم الحكمين في الخصومة محتجين عليه بقوله تعالى: (إن الحكم إلا لله).. ولم يكن إلا ذاك!
فهذا التأصيل من الأستاذ رفيقي خطأ، والصحيح أنه السيف على أهل الإسلام، باختلاف المسوغات، وهذا الذي تشهد له الأحاديث النبوية الحاكية لأوصافهم ومميزاتهم. وعليه المعتمد في بيان محددات فكرهم .
فما بنى عليه الأستاذ رفيقي نظرية اعتماد داعش على التراث السني متهافت، وكذلك البناء، فداعش تعتمد على قراءتها الخاصة للنصوص، لتسوغ وتسوق للسيف الذي رفعته في وجه خصومها (السياسيين)…
وإلا فلماذا يكفرون علماء الأمة على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم؟
ولهم سلف في هذا.. فقد قيل للأشعث بن قيس الخارجي: القوم يدعوننا إلى كتاب الله، وأنت تدعونا إلى السيف؟ فقال لهم: أنا أعلم بما في كتاب الله! (الملل والنحل للشهرستاني/ص75/دار ابن حزم).
فالإيديولوجيا الخارجية ليس بعيدة عن الفكر الداعشي إن صح التعبير.
فمن محددات فكرهم.. بل قد لا أبعد إن قلت إنه القدر المشترك المتفق عليه: السيف على المسلمين، والانفراد بقراءتهم الخاصة للوحي دون الرجوع إلى العلماء.. ورثة التراث الإسلامي، بل يقصدون إلى تسفيههم وتكفيرهم كما قلت؛ إلا أن يجدوا فرصة إلى لي أقوالهم وبترها، وتحميلها ما لا تحتمل…على طريقتهم مع نصوص الكتاب والسنة تقية؛ كما هي طريقتهم التي يشهد لها التاريخ المغربي خاصة!
أخطأ الأستاذ رفيقي مرتين: مرة في بيان محددات الفكر الخارجي، ومرة أخرى في ربط الفكر الخارجي بالتراث السني… والثاني متفرع عن الأول في مقاله، وكان الأولى له أن يخوض في هذا بطريقة مختلفة عوض أن يختار الإثارة!
ولا أريد الخوض في هذا بطريقة أبسط بالرد إلى كتب الفرق والتاريخ… لأن الأمر سيكون كجر قط فوق حصير… كما يقول شيخنا محمد بوخبزة حفظه الله… وأظن هذا كافيا لإسقاط الدعوى سواء كانت من الأستاذ رفيقي أو غيره.