«الإسلاموفوبيا» تتفاقم في أوروبا

في الوقت الذي تشن فيه الدول الغربية الحروب تلو الحروب على ما تصفه «بالإرهاب» منذ أحداث 11 شتنبر وإلى الآن، والذي تحاول حصره وقصره على المسلمين من أهل السنة تحديدا، تتغافل عن «الإرهاب» الذي يمارس على أراضيها ضد المسلمين منذ سنوات، والذي يتفاقم يوما بعد يوم إلى أن وصل إلى ذروة تفاقمه في الفترة الأخيرة.
وبينما يحاول الغرب اتهام المسلمين بالتشدد الديني والتطرف الفكري، يتناسى نمو التيارات المتشددة في عقر داره، حيث وصلت الأحزاب اليمينية المتشددة والمتطرفة في القارة العجوز إلى مناصب سياسية وسيادية كثيرة، وأضحت لهجتها وممارساتها العنصرية المقيتة ضد المسلمين على وجه التحديد تنذر بمزيد من ذوبان الثلج عن أكذوبة الحرية الدينية المصانة المزعومة في أوروبا.
لقد تفاقمت ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في أوروبا في الفترة الأخيرة بشكل مثير وملحوظ، وتوالت الممارسات العنصرية ضد المسلمين في أكثر من بلد أوروبي خلال الأيام الماضية:
1- ففي السويد استهدف هجوم مسجدا وسط السويد، حيث أضرم مجهول النار بالمسجد ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص على الأقل تم نقلهم إلى المستشفى لعلاجهم من إصابات بينها استنشاق الدخان وتمزقات وكسور.
وقال المتحدث باسم الشرطة لارس فرانزيل «ألقى شخص ما شيئا عبر نافذة مغلقة، واشتعلت النار في الداخل»، وأضاف أن «ما بين 15 و20 شخصا كانوا متواجدين في المكان»، مؤكدا أن الحادث «تخريب متعمد» إلا أن الشرطة لا تشتبه في أحد بعد.
ويقع المسجد في الطابق الأرضي من مبنى بمدينة ايسكيلستونا على بعد نحو 90 كلم غرب ستوكهولم، وطبقا للشرطة فقد اندلعت النار بعد الظهر.
وقد علق عمر مصطفى رئيس «الرابطة الإسلامية في السويد» بقوله: «نشهد تصاعدا في الكراهية ضد المسلمين، ففي يناير الماضي رسم مجهولون الصليب المعقوف رمز النازية على باب مسجد في ستوكهولم، وفي ديسمبر الماضي هاجم نازيون جدد مظاهرة مناهضة للعنصرية في ضواحي العاصمة، مما تسبب في إصابة ثلاثة أشخاص.
2- وفي النمسا قامت مجموعة من العنصريين بالاعتداء على مسجد تابع للاتحاد الإسلامي التركي في العاصمة النمساوية «فيينا»، وعلقوا رأس خنزير على باب المسجد.
وأوضح «بيرم قرار»، إمام جامع «قوجه تبه» الكائن في المنطقة 21 في «فيينا»، أن الاعتداء الذي شهده المسجد يأتي بالتزامن مع تزايد الاعتداءات المرتكبة ضد المسلمين ومساجدهم يومًا بعد آخر، الأمر الذي يؤكد تفاقم وتنامي ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في أوروبا.
3- وفي ألمانيا ما تزال المظاهرات العنصرية التي يقودها متشددون ومتطرفون ضد المسلمين متواصلة في مدينة درسدن التابعة لولاية ساكسونيا شرق ألمانيا، ناهيك عن تعرض مسجد في طور البناء في مدينة «دورماغن» غرب ألمانيا إلى تدنيس واجهته برموز نازية كالصلبان المعقوفة، وكتابات معادية للأجانب مؤخرا.
والغريب في الأمر أن الغرب يسارع دائما مع كل عملية «إرهابية» تقع على أراضيه بوضع جميع المسلمين بمختلف توجهاتهم وتياراتهم في سلة واحدة، بل يذهب غالبا إلى اتهام الإسلام -كدين- «بالإرهاب»! بينما لا يفعل المسلمون ذلك رغم الحوادث المتكررة التي تشير إلى عدم جدية الحكومات الغربية بمواجهة ظاهرة الرهاب من الإسلام على أراضيها.
فهل سيدرك الغرب حقيقة أن «التشدد والإرهاب» ليس له ملة أو دين أو مذهب محدد، وإنما هو فكر ينتشر في جميع دول العالم، ولعل للدول الغربية منه نصيب كبير، حيث إن معظم أسبابه من الظلم والقهر الذي تمارسه الدول القوية على الشعوب المستضعفة؟!
مركز التأصيل للدراسات والبحوث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *