أختي.. من هي قدوتك؟ زينب أمرير

قد يكون السؤال على وضوحه صعب الإجابة عند إحدانا؛ وذلك لأن بعضنا لم تنصب لنفسها قدوة أصلا أو محتارة في اختيار من تقتدي بهم في ظل الدوامة التي نعيشها من انفتاح على الغرب عبر مختلف وسائل الاتصال الحديثة وما يصلنا عبرها من أفكار معلبة شاذة عن ديننا وتقاليدنا، تشتت اهتمام المتلقي وتدخله في حيرة نفسية وعتمة فكرية؛ ومن هنا كانت القدوة ضرورة وسبيل نجاة.
فعن عبد الله بن مسعود قال: (إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ) حسنه الألباني انظر «الضعيفة2/17».
فكانوا لنا خير قدوة نهتدي بهديهم، وننهج سلوكهم، ونرتع في بساتين مناقبهم، ومن بين أولئك الصحابة، صحابية جليلة وهي أم للمؤمنين وزوجة خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين، إنها من غارت منها عائشة بنت الصديق بعد مماتها؛ لِما رأته من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، وهي من بشَّرَها الله ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا وصب، ومن نصر الله بها هذا الدين في بداياته فكانت خير مثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم على الحق الذي أرسل به؛ إنها خديجة بيت خويلد سيدة قريش الملقبة بالطاهرة رضي الله عنها وأرضاها.
لقد عطرت خديجة رضي الله عنها سيرة رسول الله بأزكى المواقف وأجملها؛ ومن تلكم المواقف نزولها الشعب مع زوجها بعد صدور الوثيقة الظالمة، حيث نزلت رضي الله عناها الشِّعْبَ على كبر سنها، مؤازِرة لرسول الله ومثبتة إياه فصبرت على الجوع والفقر غير متأففة من ترك بيتها وفراشها وعيشها الرغيد، نزلت الشعب مع رسول الله بين جبلين تعاني الحر والبرد تفترش الحصباء وتلتحف السماء موقنة بنصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.
قال بن القيم رحمه الله في زاد المعاد: «لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد، أجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف، أن لا يبايعوهم، ولا يناكحوهم، ولا يكلموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة علقوها في سقف الكعبة يقال: كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم، ويقال: النضر بن الحارث، والصحيح: أنه بغيض بن عامر بن هاشم، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده، فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب، فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في الشعب شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، وبقوا محبوسين ومحصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين، حتى بلغهم الجهد وسمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب».اهـ
وانقضت المحنة بعد ذلك بثلاث سنوات قضتها خديجة رضي الله عنها مع رسول الله لتخرج من الشعب منهكة القوى قد أعياها المرض والجوع، لكنها خرجت مع رسول الله ناصرة لهذا الدين قد خلد التاريخ موقفها ورباطة جأشها.
قال ابن عبد البر : «ومات أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام، وقيل: غير ذلك» اهـ (سير أعلام النبلاء 8-153).
نعم ماتت خديجة رضي الله عنها؛ وبوأها الله تعالى مكانا عليا؛ فجعلها من سيدات نساء العالمين، وضرب بها مثلا في الطاعة والصبر والنصرة لهذا الدين فقد كانت زوجة نبي، وقدوة لكل زوجة داعية، بل لكل زوجة رجل مسلم يحاول في هذه المتغيرات الجارفة الثبات على دينه.
هاته أخت المسلمة هي القدوة والمثال المحتذى، لا ما يصوره لك إعلام الخنا، ومن يريد منك أن تميلي ميلا عظيما، فتضلي وتجرفي معك جيلا بأكمله في سفاسف الأمور ومراتع الفجور وهاوية سحيقة سيحتاج للخروج منها إلى عقود مديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *