تصدر حزب الأصالة والمعاصرة المعارض نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت الجمعة 04 شتنبر 2015 بحصده 6655 مقعدا بما يمثل نسبة 21%، فيما تصدر حزب العدالة والتنمية النتائج المتعلقة بالجهات بحصوله على 25% أي 174 مستشارا جهويا.
وكان حزب الأصالة والمعاصرة قد حصل على 6015 مقعدا في الانتخابات البلدية التي أجريت عام 2009 مما يعني أنه تمكن من زيادة حصته بـ640 مقعدا في الاستحقاقات الحالية.
وضاعف حزب العدالة والتنمية عدد المقاعد التي حصل عليها في 2009 أكثر من ثلاث مرات، حيث قفزت من حوالي 1500 مقعد إلى 5021.
وهذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها انتخابات جهوية في المغرب، وذلك ضمن خطة ترمي لتوسيع صلاحيات الأقاليم ودعم التنمية المحلية.
وتساءل العديد كيف يمكن لحزب العدالة والتنمية الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات (مليون ونصف صوت) أن يحتل المرتبة الثالثة، والأصالة والمعاصرة الذي حصل على مليون وثلاث مائة ألف صوت على المرتبة الأولى، ويمكن تفسير ذلك بأن الأمر راجع إلى نظام التصويت باللائحة، وأن هناك جماعات تحتاج إلى عشرات الأصوات -خاصة في البوادي- كي يفوز الحزب بها؛ في حين تحتاج المدن إلى مئات بل آلاف الأصوات للفوز بالجماعة.
ويرجع الباحث والمحلل السياسي بلال التليدي تمكن الأصالة والمعاصرة والاستقلال من حصد مقاعد في المناطق القروية وعجزه عن ذلك في المدن إلى خارطة هذه المناطق، وأشار في تحليله أنه يجب أن نتحدث عن خمس مناطق أساسية:
1- المناطق المعروفة بانتشار زراعة الكيف (منطقة جبالا والريف…).
2- المناطق التي ينشط فيها التهريب (منطقة الشرق، وبالتحديد وجدة، والناظور والحسيمة، المضيق، الفنيدق…).
3- المناطق التي يحكمها التوازن القبلي المحكوم لمدة طويلة بمنطق الريع. (جهات الصحراء مع تسجيل اختلاف في مستويات حضور الحزب فيها بحسب مستويات الانسجام والتناقض القبلي).
4- المناطق التي تعرف مستويات عالية من الهشاشة والعزلة (مناطق بجهة الشرق ومناطق أزيلال…).
5- المناطق التي قوي فيها الخلاف التنظيمي داخل العدالة والتنمية (نموذج القصر الكبير).
وقال التليدي: إذا استقرأنا النتائج التفصيلية للانتخابات، سنجد أن العائق الذي يقف أمام العدالة والتنمية سواء في التمدد أو في تحقيق التقدم مرتبط من جهة بتفكيك العلائق البنيوية التي تربط ظاهرة الاتجار في الممنوع بالسلطة والثروة وهو ما سيحل بشكل شبه جدري آفة استعمال المال في الانتخابات، ومرتبط من جهة ثانية بتفكيك ما تبقى من هيمنة البنى القبلية، ومرتبط من جهة ثالثة بترسيخ نموذج تنموي عادل، ومرتبط من جهة رابعة بالقدرة على تحصين التماسك الداخلي للحزب.
إمكانيات تنظيمية
أما بخصوص التقدم الذي أحرزه حزب العدالة والتنمية الذي تصدر الانتخابات الجهوية فقد فسره بودن بإمكانات هذا الحزب التنظيمية والتواصلية، وقدرته على التحكم في قواعده “واستعانته بقنوات غير معتادة في التعبئة، علاوة على اعتماده على واجهات مدنية وخيرية في المجال السياسي”.
وذكّر بأن للعدالة والتنمية حضورا قويا في البرلمان من خلال أكبر كتلة في مجلس النواب، وله نخب تدافع بقوة عن أطروحاته.
وقال بودن إن تراجع المعارضة لا يمكن وصفه بالسقوط المدوي، ولكن “يمكن أن نتحدث عن أحزاب كانت من أكبر الخاسرين كحزب الاتحاد الاشتراكي، وبدرجة أقل حزب الاستقلال وأعتبر الأصالة والمعاصرة من أكبر الرابحين”.
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش محمد الغالي أنه لا مفاجأة في نتائج حزبي العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة.
وقال إن الأحزاب التي تصدرت المراتب الأربع الأولى، منها ثلاثة أحزاب تملك تجربة وتراكما في المجال الانتخابي، وهي “الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتجمع الوطني للأخرار”.
لكنه عاد ليقول إن حزب العدالة والتنمية لفت الانتباه لأنه استطاع أن يحصل على أصوات جديدة بالأرياف التي تحتكرها الأحزاب التقليدية، مضيفا “أعزو هذا الاختراق إلى طريقة تواصل هذا الحزب مع مكونات المجال القروي، خاصة الشباب”.
وحسب الغالي، فإن التقدم الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الحواضر جاء نتيجة الثقة التي منحها وزراء العدالة والتنمية في الحكومة من خلال نزاهتهم، ونظافة أيديهم من أي فساد مالي.
مسلسل الإصلاحات
وبشأن ما إذا كانت نتائج هذه الانتخابات في عمومها تمثل مدخلا حقيقيا لوضع مشروع الجهوية واللامركزية بالمغرب على السكة الصحيحة، نقل موقع الجزيرة عن قال محمد الغالي إن النتائج “تشكل تصويتا بالثقة لفائدة مسلسل الإصلاحات في المملكة المغربية والتي يعتبر حزب العدالة والتنمية شريكا رئيسيا فيها”.
واعتبر الغالي أن تجديد الفئات التي شاركت في هذا الاقتراع للثقة في حزب العدالة والتنمية يعبر عن إيمان الكتلة الناخبة المغربية بأهمية المسار الديمقراطي الذي يمضي في المغرب من خلال خيار الجهوية المتقدمة.
ولدى تفسيره للنتائج، قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران إن هذه النتيجة ثمرة لمسار طويل لأزيد من عشرين سنة من العمل الجاد ونظافة اليد والاندماج في المحيط السياسي والاجتماعي تدريجيا.
وأضاف رئيس الحكومة المغربية أن المواطنين عبروا عن إعجابهم بتسيير الحزب للبلديات وللحكومة، “فنحن نقدم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب، وأيادينا نظيفة، وقراراتنا موفقة”.
وعزا التراجع اللافت لأحزاب المعارضة في أغلب المدن الكبرى من قبيل فاس والدار البيضاء ووجدة والرباط لصالح حزبه لما سماها المقاربات الخاطئة التي انتهجتها قيادات المعارضة طوال المدة السابقة.