فضــل التـوحيــد

الأدلة في بيان فضل التوحيد أكثر من أن تحصر، نذكر منها:
قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران:18)؛ قال ابن القيم في «مدارج السالكين»: «فتضمنت هذه الآية الكريمة إثبات حقيقة التوحيد، والرد على جميع هذه الطوائف، والشهادة ببطلان أقوالهم ومذاهبهم».
وقال تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} (إبراهيم:24) قال ابن عباس: {كلمة طيبة}، «شهادة أن لا إله إلا الله، {كشجرة طيبة} وهو المؤمن، {أصلها ثابت}، يقول: لا إله إلا الله، ثابت في قلب المؤمن، وفرعها في السماء، يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء».
وأما الأحاديث، فنذكر منها:
1- ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).
2- ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا أبا هريرة إذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنًا بها قلبه، فبشره بالجنة).
3- ما رواه مسلم عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة).
4- ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).
5- ما رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (..خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
6- ما رواه البخاري في «الأدب المفرد» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن. ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله).
تعريف التوحيد وأقسامه
(التوحيد) لغة: هو جعل الشيء واحداً. وفي الاصطلاح: الإيمان بوحدانية الله عز وجل في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته. وتفصيل ذلك بمعرفة أقسام التوحيد كما بينها العلماء:
أولا: توحيد الربوبية: وهو إفراد الله بأفعاله كالخلق، والملك، والتدبير، قال تعالى: {الحمد لله رب العالمين} (الفاتحة:1) أي: مالكهم، ومدبر شؤونهم.
والاعتراف بربوبية الله عز وجل مما لم يخالف فيه إلا شذاذ البشر من الملاحدة الدهريين، أما سائر الكفار فقد كانوا معترفين بربوبيته سبحانه -في الجملة- وتفرده بالخلق، والملك، والتدبير، وإنما كان شركهم في جانب الألوهيه، إذ كانوا يعبدون غيره، قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون} (العنكبوت:61) أي: فأنى يصرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له.
ثانيا: توحيد الألوهية: وهو إفراده تعالى بالعبادة، وذلك بأن يعبد الله وحده، ولا يشرك في عبادته أحد، وأن يعبد بما شرع لا بالأهواء والبدع، قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} (الأنعام:162)، وقد كان خلاف المشركين في هذا النوع من التوحيد، لذلك بعث الله إليهم الرسل، قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} (النحل:36).
ثالثا: توحيد الأسماء والصفات: وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، ولا تكييف، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى:11)، ولتوضيح هذه القاعدة، نورد بعض الأمثلة التوضيحية، من ذلك أن الله وصف نفسه بأنه: {القوي العزيز} (هود:66) فموقف المسلم تجاه ذلك هو إثبات هذين الاسمين لله عز وجل كما وردا في الآية، مع اعتقاد اتصاف الله عز وجل بهما على وجه الكمال، فلله عز وجل القوة المطلقة، والعزة المطلقة.
ومثال النفي في الصفات قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام) رواه مسلم، فموقف المسلم من ذلك هو نفي صفة النوم عن الله عز وجل، مع اعتقاد كمال الضد، بمعنى: أن انتفاء صفة النوم عنه سبحانه دليل على كمال حياته، وهكذا القول في سائر الأسماء والصفات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *