إثر الإعلان عن الظهير البربري ثارت العديد من القبائل الأمازيغية، وخاض بعضها حربا مسلحة ضد فرنسا، وثار الطلبة الأمازيغ ضد السياسة التعليمية الاستعمارية منادين بوجوب اعتماد اللغة العربية والمبادئ الإسلامية في مجال التربية والتعليم.
قد يشكك مشكك، أو يظن ظان، أن التنديد بالظهير البربري واستنكار السياسة العلمانية عموما كان حكرا على العرب، فإن الحقيقة غير ذلك، يقول (دانييل جوران): “البربر أول من احتج على ذلك (الإصلاح) الذي وضع على ما يقال طبقا لرغباتهم”.
فإثر الإعلان عن الظهير البربري ثارت العديد من القبائل الأمازيغية، وخاض بعضها حربا مسلحة ضد فرنسا، وثار الطلبة الأمازيغ ضد السياسة التعليمية الاستعمارية منادين بوجوب اعتماد اللغة العربية والمبادئ الإسلامية في مجال التربية والتعليم.
وتحت ضغط القبائل الأمازيغية الثائرة اضطر المستعمر إلى الاستجابة لبعض طلباتها، فأرجع خمسة قضاة، وأتم بناء الجوامع التي كان قد أمر بالتوقف عن إنجازها.
ولما صارت القضايا الشرعية الخاصة بالأمازيغ من اختصاص المحاكم الفرنسية، أصبح الكثير منهم يفضلون التنازل عن دعاويهم تجنبا للوقوف أمامها، مما تسبب في سجن واضطهاد العديد منهم.
بالرغم من أن الإدارة الاستعمارية كانت لا تمنح للأمازيغ رخصة السفر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وكانت تهددهم بأشد أنواع العقاب في حالة إلحاحهم على الطلب، فإنهم كانوا يلجؤون إلا استعمال عدة وسائل للسفر، ولم يكونوا يبخلون بمالهم في سبيل مقاومة الظهير البربري، وبصفة عامة، لم تكن المضايقات التي يتعرضون لها من قبل السلطة الفرنسية عند إظهار عباداتهم، والاعتزاز بماضيهم الوطني والقومي، لتحول بينهم وبين التمسك بدينهم الإسلامي، وثقافتهم الإسلامية العربية، بشجاعة وإصرار نادرين.
فعلى سبيل المثال في ناحية افرن طرد المراقب المدني فقيه الجامع وهدد السكان، فانبرى له من بينهم رجل وقال محتجا: “أنمنع من إقامة شعائر ديننا ونحن في وطننا؟ إن هذا لشيء عجاب!” وحرر المجتمعون عريضة أرسلوها إلى حاكم ناحية مكناس.
وبفضل الله، ثم هذا الصمود والالتحام فقد الظهير البربري قيمته العملية، وأقبل المغاربة في مختلف مناطق المغرب على بناء المساجد بحماسة، وصارت محاكم (يزرف) العرفية تتقهقر فاتحة المجال أمام نفوذ الشرع الإسلامي، بل إن الكثيرين من الفرنسيين مالو إلى إلغاء الظهير البربري.
وجاء الموقف المشرف للشعب المغربي من الظهير البربري حيث يقول الحسن بوعياد: “أما الشبان الذين لم يتعلموا تقريبا شيئا من الفقه والدين، فهم الذين قاموا بهذه الحركة، وهم الذين كانوا يضربون بالسياط، وكلما ضربوا سوطا يهتف الواحد فيهم: فليحيا الإسلام”.