طالبت الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي، المعروفة اختصارا بـ “APCE”، المملكة المغربية بعدم تجريم المثلية والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، باعتبار أن ذلك يدخل في إطار الحريات الفردية، ولا يمكن تصنيفه ضمن خانة “السلوكيات الإجرامية”، وذلك خلال دورتها المنعقدة بمدينة ستراسبورغ الفرنسية.
مطالب “APCE” جاءت قصد تقييم عمل البرلمان المغربي على امتداد أربع سنوات، أي منذ تاريخ المصادقة على الدستور الجديد عام 2011 إلى يومنا هذا، باعتبار المملكة تتمتع بصفة “شريك في الديمقراطية” داخل ذات المنظمة الحقوقية، وذلك بعدما تمت المصادقة على قرار انضمامها بأغلبية ساحقة بلغت 131 صوتا مقابل ستة امتنعوا عن التصويت.
ودعت ذات الجمعية الحكومة المغربية، إلى القطع مع تعدد الزوجات الذي تقره الشريعة الإسلامية، وكذا الكف عن إصدار عقوبات الإعدام في حق المجرمين، مؤكدة بأن العديد من المنظمات الحقوقية بالمملكة تناضل من أجل ضمان الحقوق الفردية للأشخاص، إلا أن 120 سجينا مغربيا حكم عليهم بالإعدام.
وأكدت الجمعية بأن السلطات المغربية ملزمة بإعطاء أولوية أكبر للتدابير الرامية إلى مكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء، معتبرة بأن تواجد المغرب ضمن هذه الهيئة يلزمه بمسايرة القوانين الوضعية المتوافق حولها، ومن ضمنها الاعتراف بحقوق المثليين، وإعادة النظر في قوانين الإرث.
وأضافت بأن سياسة الحكومة المغربية، بخصوص مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، لا تزال “غير واضحة”، إذ أن الفصل الخامس من القرار رقم 2061 للجمعية البرلمانية للاتحاد الأوروبي يهدف إلى فتح نقاش جاد حول إلغاء التعددية الزوجية/ وإصلاح التشريعات المتعلقة بالإرث لإنهاء الميز بين الجنسين.
هذا وقد رد وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أمام نوابAPCE ، بالقول إن للمملكة المغربية مبادئها الخاصة وقيمها، وتاريخ مختلف تماما عن تاريخ الأوروبيين، كما أن المغرب لم يطالب بعد بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فلن يخضع لقواعده وقوانينه.
لقد بات من الواضح اليوم أن المشروع الغربي يتخذ من المسألة الثقافية ورقة ضغط يلوح بها في وجه الحكومات، ويراهن عليها في خطاب الشعوب!!
وتأتي القيم والمعتقدات على رأس الورقة الثقافية، كما تأتي الأسرة ودورها التربوي على قائمة المستهدف من تلك الهجمة الغربية لما تمثله مؤسسة الأسرة من قوة ومنعة وفاعلية في تحصين الأطفال من الذوبان في الآخر والحفاظ على الهوية، إلى جانب وسائل الإعلام ومناهج التعليم ووسائط الثقافة المتنوعة…
وإذا كانت الأسرة هي خط الدفاع الأول لبناء وتنمية الجوانب التربوية في شخصية الفرد خاصة الجانب الإيماني والجانب الأخلاقي، فقد أدركت الثقافة الغالبة اليوم أن ميدانها في المواجهة مع ثقافتنا هو الجانب الأخلاقي بالدرجة الأولى، ومن ثم كان إصرارها على تقويض دعائم وأسس هذا الجانب تحت ستار: الثقافة الجنسية تارة، والصحة الإنجابية تارة أخرى، مستغلة الأجواء التي وفرتها ثورة الاتصالات وسهولة تبادل وجهات النظر حول تلك المسائل، إضافة إلى ملاحظاتها انصراف الثقافة الإسلامية عن تجلية مفاهيم الثقافة الجنسية من مصادرها النقية تحت مزاعم واهية ومبررات لا قيمة لها، في مقابل السماح لبعض الأفكار الموروثة اجتماعياً -بدون سند من الدين- بالتحكم في نظرتنا لهذا الجانب التربوي الهام.