خواطر شريفية (الجزء الأول…) الحسن الشريف

ذات يوم كنت جالسا وأستاذي نتجاذب أطراف الحديث في مقهى حديث عهد بالعمل بتمكروت، فقلت له إن تمكروت بدأت تتحضر وتتجرد من لباس الحياء والحشمة التي كانت تتدثر بهما منذ زمان بعيد.
‏‎‎‏- فقال لي: لا عليك يا حسن إن الحضارة المادية لا تضر بالقيم إذا أحسن استغلالها، وضرب لي مثلا بدول مسلمة متحضرة ومحافظة بقيمها من قبيل (ماليزيا وأندوسيا وتركيا)، وبعد الانتهاء من حديثنا الذي دار حول الدراسة والجامعة وألامها وآمالها…
قلت في نفسي إن تلك الشعوب تفهم الحضارة فهما جيدا، وتراها من منظورها الإيجابي، وتطبقها تطبيقا عمليا سواء من جانبها المادي أو من جانبها الروحي، لأنها شعوب واعية تحب العلم والعمل بانضباط، وتكره الشغب والخراب، وتجسد ذلك في تعاملها الراقي الذي يسود مجتمعاتها المثقفة، على خلاف العرب الذين يسيئون فهم الحضارة، فهم ينظرون إليها من جانب ضيق، وهو الجانب المادي الزائف الذي استوردوه من الغرب المتحضر جدا إلى حد الانفلات، فيجسدونها في التبرج والسفور، ولباس الموضة الذي لا يستر العورة، وفي طلاء الأظافر بألوان من الصباغة، وقص الشعر، وتخضيبه باللون الأصفر أو البني، ناهيك عن الصداقات المحرمة بين الفتيان والفتيات والمجاهرة بذلك علنا أمام الملأ في الحدائق العمومية، وفي الثانويات والجامعات، وكأنهم جاؤوا بشيء عظيم، وفي تلقيد الممثلات والمغنيات، وللأسف الشديد فهذا حال أغلب بنات المسلمين اليوم – إلا من رحم ربك-.
أما أبناء الدول العربية المسلمة فحدث ولا حرج فهم بدورهم يفهمونها على أنها هي التففن في أصناف من الحلاقة (الديكة، الصميطة، التشويكة…)، أو في ارتداء السراويل الضيقة والممزقة من الكعبين (السليم مثلا…) وفي تقليد اللاعبين وجعلهم قدوتهم التي يحذون حذوها أمثال (ميسي، وكريستيانو، ونيمار…).
وبصرف النظر عن هذا الشر المستطير الذي ابتلي به شباب الأمة وشغلهم عن إعادة صناعة المجد التليد، ألا وهو هذه الهواتف الذكية، التي تحملها الأيادي الغبية، والتي لا تحسن استعمالها إلا في المحادثات التافهة عبر الفيسبوك والواتساب… و كذا التقاط الصور الفاتنة في المناسبات قصد التباهي.. وهلم شرا.
وأتساءل كما يتسأل غيري ممن يحمل هم الأمة ومصيرها، لماذا لا نحسن استغلال هذه الوسائل الحديثة، والنعم الوفيرة في خدمة أمتنا الإسلامية والعربية، والنهوض بها من براثن الانحطاط والتخلف الذي تقبع فيه لعقود من الزمان، والسير بها لقيادة سفينة الأمم التي كانت ربانها في مضى أيام كان فيه الرجال البواسل والفرسان الأشاوس، أمثال الفاتحيين عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، والأسدين حمزة وعلي – رضوان عليهم جميعا-، الذين كانت لا تهمهم المظاهر البراقة، والثناءات الخداعة، بل همهم الوحيد هو الذود عن حياض الإسلام، ونشره بين العالمين.
ثم الذين ساروا على نهجهم، واقتفوا آثارهم في القرون الذهبية أمثال عمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد، وصلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين، والظاهر بيريس وسيف الدين قطز، الذي كسر أسطورة المغول والتتار في عين جالوت بالناصرة، وأمير المسلمين يوسف بن تاشفين أسد معركة الزلاقة، الذي دحر جيش ملك قشتالة وليون ألفونسو السادس السابع، ثم القائد العثماني العظيم محمد الفاتح، فاتح القسطنطنية عاصمة البيزنطيين التي لم يستطع أحد دخولها، فدخل هو رغم أنوف أهلها وهو بعد لم يبلغ سن الثالثة والعشرين.
وعبد الرحمان الداخل المعروف بصقر قريش الذي يزرع الفزع في ملوك أوروبا أيضا، وأخيرا وليس آخرا -بإذن الله- الليث المغوار سليمان القانوني الذي أقيمت في أوروبا ولائم وأعراس احتفالا بموت هذا السلطان المبجل الذي كان يثير الرعب في قلوب ملوك أوروبا آنذاك.
فيا شباب الأمة شمروا على صعيد الجد، وتفطنوا لما يحبك لهذه الأمة في الخفاء. فإن عدوكم يعمل ليل نهار، وبكل ما أوتي من قوة لصد الأمة عن الاستيقاظ من سباتها العميق. ولكي تظل قابعة في ذيل الأمم ومؤخرتها، لا تنتج حتى ما تروي به ظمأها، وما تسد به رمقها فضلا عن إنتاجها شيء تصدره.
يا شباب الأمة تسلحوا بسلاح العلم والمعرفة، فهما السيف والترس في ساحة الوغى؛ عليكم بكتب علماء الصحوة الأفذاذ، واغترفوا من معينها علما صافيا نقيا جادت به قرائحهم الصادقة دونوه بمداد من المعاناة والألم وهم يكابدون من أجل إيصاله إلى قلوبكم مرارة التعذيب والوحدة في غياهب سجون الحكام الظالمين، علما تهتدون به في ظلمات ليلكم البهيم الذي جثم على صدر أمتكم وتحاربون به شبح الجهل الذي ينشره الإعلام الفاجر فيكم؛ وإليكم بعضا من هذه الكتب باقتضاب يسير:
-كتب الشيخ الدكتور سفر الحوالي (العلمانية، نشأتها وتطورها وأثارها، ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلام…).
-كتب الشيخ الدكتور مصطفى السباعي (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، أخلاقنا الاجتماعة…).
-كتب الشهيد بإذن الله سيد قطب (معالم في الطريق، في ظلال القرآن).
– كتب المفكر محمد قطب (جاهلية القرن العشرين، مفاهيم يجب أن تصحح، واقعنا المعاصر، مذاهب فكرية معاصرة…).
– كتب الشيخ الدكتور سلمان العودة (زنزانة، أنا وأخواتها، لو كنت طير، كيف نختلف، أسئلة الثورة…).
– كتب الشيخ فريد الأنصاري (مفهوم العالمية، البيان الدعوي، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب…).
-كتب الشيخ محمد الغزالي (جدد حياتك، عقيدة المسلم، فقه السيرة…).
– كتب الشيخ يوسف القرضاوي (العلمانية والإسلام وجها لوجه…).
– كتب إبراهيم عمر السكران (الماجريات، مسلكيات، سلطة الثقافة الغالبة…).
-كتب شكيب أرسلان (لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمين…).
-كتب المفكر مالك بن نبي (شروط النهضة…).
-كتب الشيخ أبو الحسن الندوي (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين…).
– كتب علامة اللغة العربية محمود شاكر أبو فهر (أباطيل وأسمار، في الطريق إلى ثقافتنا…).
– كتب الدكتور عبد الكريم بكار (تكوين المفكر…).
-كتب حاكم المطيري (الحرية أو الطوفان…).
وآخرون لم تسعفني الذاكرة لبسطهم في هذا المقام.
والحمد لله رب العالمين. (بتصرف…).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *