كلمة التوحيد أعظم كلمة في الوجود، لأجلها خُلقت الخليقةُ، وأُرسلت الرسلُ، وأُنزلت الكتبُ، وهي كلمة التقوى وأساس الملة وركن الإيمان، وهي العروة الوثقى التي من تمسك بها نجا، ومن مات عليها سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وفضائل هذه الكلمة وموقعها من الدين فوق ما يصفُه الواصفون ويعرفه العارفون.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ) رواه الترمذي (3383) وقال: حسن غريب. ورواه النسائي في “السنن الكبرى” (6/208) وبوب عليه بقوله: (باب أفضل الذكر وأفضل الدعاء )، وحسنه الحافظ ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/63) والشيخ الألباني في “صحيح الترمذي”.
يقول المباركفوري رحمه الله: “لأنها كلمة التوحيد، والتوحيد لا يماثله شيء، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، ولأنها أجمع للقلب مع الله، وأنفى للغير، وأشد تزكية للنفس، وتصفية للباطن، وتنقية للخاطر من خبث النفس، وأطرد للشيطان” تحفة الأحوذي (9/325).
ولذلك فالفائز من أهل الدنيا من يكثر من هذه الكلمة في كل زمان ومكان، ولا يفتر لسانه ولا يكلُّ قلبه عن اللهج بها، وتذكر معانيها، واستحضار مقاصدها، وهي من الأذكار التي لم يرد تخصيص استحباب الذكر بها في مكان معين أو زمان، بل جاءت مطلقة ليذهب المسلم في الذكر بها كل مذهب قريب وبعيد، في حال شغله وفراغه، وعند نومه ويقظته، وفي حال حله وترحاله، في صلاته وقيامه وصيامه وحجه وعمرته، في قعوده وقيامه، ولو استطاع أن يأتي به مع كل نفس من أنفاسه فهو الرابح الفائز.
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: “أفضل الأذكار التي لم يخصها الشارع بحال أو زمن القرآن، وبعده التهليل لخبر: (أفضل الذكر لا إله إلا الله)” الفتاوى الحديثية (ص/109).