الجعجعة التي تحدثها جريدة “الأحداث المغربية” هذه الأيام ومطالبتها النيابة العامة باستنطاق صحفيي موقع “هوية بريس” هي محاولة تستبطن رغبة ملحة لطحن الموقع وأسبوعية السبيل؛ لإقصائهما من المشهد الصحافي جملة وتفصيلا؛ رغبة تغذيها مشاعر الحقد والكراهية، وتذكيها العداوة المتجذرة في قلوب بعض صحفييها، الذين يتظاهرون بالانفتاح الزائد فقط مع من يتماهى مع قناعاتهم، وعند أدنى خلاف تراهم سليطي اللسان، يرعدون ويزبدون كالثور الهائج يتهمونك بتكفيرهم وبالتحريض على قتلهم، وبأنك داعشي ووهابي وإخواني..؛ لا لشيء سوى لأنك انتقدتهم في قليلٍ من كثيرِ ما ينشرونه من مطالب وأفكار تزعزع عقائد المغاربة وتصادم القطعي من شريعة الإسلام وتستهزئ بأحكامه وتاريخه.
بدأت قصتنا مع “الأحداث المغربية” قبل عشر سنوات؛ عندما كتبنا في أسبوعية السبيل افتتاحية ننتقد فيها استهزاء أحد كتابها بقطعيات القرآن وبشريعة الإسلام وأحكامه وتاريخه؛ وهو بالمناسبة أحد المساهمين في رأس مال جريدة “الأحداث” ونائب برلماني اتحادي سابق عن قرية با محمد؛ وذلك في مقال نشره بالجريدة سيئة الذكر في عددها (2648) سنة 2006؛ عنونه بـ “عندما تكذب أمة على نفسها” قال فيه:
الكذبة الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد عند الله ومن يبتغي غيره فلن يقبل منه..
الكذبة الثانية: أننا خير أمة أخرجت للناس..
الكذبة الثالثة: أن الغرب يعادينا من أجل ديننا، وأننا نعيش حربا صليبية ثانية..
الكذبة الرابعة: أن الإسلام دين الرحمة والرأفة، والحال أن فقهنا يقر بقتل المرتد، ورجم الزاني، وجلد السكير وشاهد الزور، وقطع يد السارق، وقطع الأرجل خلافا لمن أفسد في الأرض، والإعدام في القصاص.
وزاد البنة منتقدا لشريعة الإسلام “الحقيقة هي أن حدود شريعتنا ليست سمحاء، إنها دموية، وعلينا أن نعترف بذلك لأنها تشوه الإسلام، وتشوه الإنسان، وتتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان”.
الكذبة الخامسة: إن كل ما حرمته علينا شريعتنا هو خير لنا، لقد حرمت علينا شريعتنا الفائدة وهي طريق الادخار، وحرمت علينا “الحلوفة” وقد تلد ما يفوق 15 “حليليف” يفوق وزن الواحد منها عند سن الرشد 200 كيلو غرام في أسوأ الأحوال، والحال أنه لحد الساعة لم يُثبت العلم أن أكل لحم الخنزير مضر بالصحة… وكيف أن الخمر حرم علينا في الدنيا، وتجري به الأنهار في الجنة، فكيف به يكون مفسدة في الدنيا ونعمة في الجنة.
الكذبة السادسة: أن الإسلام حرر المرأة..
الكذبة السابعة: أن ابتعادنا عن ديننا هو مصدر شقائنا وتخلفنا، والحال أنه هو الذي ابتعد عنا ولم يعد يطاوع معطيات عصرنا، لأنه توقف في عهد ابن تيمية، وتوقف معه كل اجتهاد وعطل أفضل عضو في جسدنا وهو العقل، وأضاف إلى ذلك بث ثقافة الاتكالية في تفكيرنا، فعندما نعجز عن تحليل الأشياء بالعقل والمنطق نردها إلى الله..”
فما رأي الأحداث في عرض المقال الذي نشرته لعبد القادر البنة، أحد مالكي الجريدة، على النيابة العامة والمجلس العلمي الأعلى؟
وبعد انتقادنا لهذا الهراء المشحون بالتهكم على الدين والاستهزاء بالإسلام وشريعته؛ رد علينا هذا البرلماني بكل وقاحة ينبز صحافيي المؤسسة بقاذع القول ومنحط العبارة، متهما لكل صحفيي المنبر بالتكفير والتحريض على القتل مع كيل الشتائم وسيل السباب، قائلا على صفحات الجريدة نفسها:
“..تراهم يرتدون جلباب التقية والورع وقد تحجرت قلوبهم وضاقت صدورهم وجفت عقولهم سكنهم مرض التعصب فمنعهم طعم الحوار”.
وقال أيضا: “قوم فقدوا كل مكارم الأخلاق وأضاعوا كل تعاليم الكرامة تبرأت منهم الصراحة، وامتهنوا النفاق، أعجزهم العلم فتوسلوا إلى الجهل، وخذلتهم الشجاعة، تسلحوا بالجبن وإن خانتهم الحجة والدليل، استفاضوا في مدح البلادة وأطنبوا في الهراء وتغنوا بالغباء..”.
وفي الحقيقة ما دامت “الزميلة” الأحداث هي من طالب النيابة العامة بالتدخل فنحن في الموقع نرحب بهذا الطلب؛ ونلتمس من ذات النيابة العامة أن تستنطقنا جميعا.
بل سنكون ممتنين للنيابة العامة إذا ما أكملت جميلها وعرضت على المجلس العلمي الأعلى قضيتنا مادامت لها ارتباط بالكفر والتكفير والإسلام والشريعة؛ لتحكم فينا بعقيدة البلد ومذهب المغاربة وسلوك الجنيد الذي لطالما اعتبرته مؤسساتنا العلمية الرسمية من الثوابت الدينية للمغرب دولة وشعبا.
ونسائل مسؤولي الأحداث المغربية: هل ترضون أن نحيل ملف الكفر والتكفير -الذي تزايدون به علينا-، على مؤسسة دستورية لتفصل فيه بينا بشكل رسمي؛ نعرض عليها ادعاءاتنا عليكم؛ لتفصل فيها؟؟
كما سنكون ممنونين كذلك لو أبدت لنا النيابة العامة رأيها في ملايين الصور البورنوغرافية المخالفة للدين والقانون والتي تنشرها “الأحداث” بين أبنائنا وبناتنا.
فإن رفضتم التحاكم إلى المؤسسات العلمية الدستورية؛ فرجاء لا تدمنوا خطاب المظلومية والبكاء والخوف على سلامتكم الجسدية التي نطالب السلطات المعنية بتوفيرها لكم وبحمايتكم.
في الحقيقة نأسف بالغ الأسف عندما تقف العاهرة تخطب في العفيفات عن الطهر والعفة؛ عندما يقف الجبان الرعديد مستقويا بالمال العام والنفوذ الحزبي والسياسي ليمارس علينا ساديته ويعطي لنفسه الحق في تصنيفنا وتنقيطنا هل نستحق بطائق الصحافة أم لا، وهل نحن صحفيين أم لا؟
أي صلف وكبر هذا؛ أفيقوا -هداكم الله- جريدتكم هي مجرد صفحات للتشهير كما شهد بذلك من يتبنون العلمانية من زملائكم في المؤتمر الدولي الذي انعقد مؤخرا؛ ولهذا استحققتم دعما بلغ 10 آلاف درهم في اليوم طيلة السنوات التي تلت الأحداث الإرهابية بالبيضاء؛ ناهيك عن الإشهارات الكثيرة والإعلانات الإدارية الوفيرة؛ وما ذلك إلا لتؤدوا دوركم في التشهير؛ وإغراق الأبرياء في السجون والمتاجرة بملفاتهم لكسب المال على حساب معاناة أسر المظلومين؛ فرجاء لا تحدثونا عن الصحافة والمهنية ولو سودتم وجوهكم بكل ألوان الحبر وأنواع المداد فلن يصدقكم أحد.
ثم لنترك النيابة العامة تقوم بدورها، وتعالوا لنرى كيف تتناقش “الأحداث” مع من تختلف معهم؟
ولنلقِ نظرة على مستوى مديرها السابق، وآخر ما تبقى فيها من الصحفيين الذين يستحقون حمل شرف الصحافة وممارسة المهنة!
ومن قبيل التوافقات الجميلة أن كلامه الساقط الذي سنورده سبق أن نشرته الأحداث في ذات الشخص الذي تهاجمه اليوم -أي الشيخ الحسن الكتاني- لأنه اختلف مع أحد الإسلاميين الملتحقين بصفوف العلمانيين أخيرا؛ ورد على هرطقاته وتمييعه لما كان يعتقده معلوما من الدين بالضرورة.
فهاكم نتفا من قاموس السباب والشتائم التي تغرق بها «الأحداث» مخالفيها والتي نشرتها بتاريخ 5-6-2014؛ وهي من جملة ما وصف به المختار لغزيوي الشيخ الحسن الكتاني؛ فقط لأن هذا الأخير رأى أن رسما كاريكاتوريا نشرته «الأحداث» يسيء إلى الإسلام؛
فمعذرة لقرائنا الكرام عن إيراد هذا الكلام المنحط.
قال مدير “الأحداث” السابق:
“- حسن شذ عنهم -أي عن العائلة الكتانية- منذ سنوات الصبا الأولى. ومع أن الشاذ لا حكم له…
– سلوكات هذا الأرعن.
– أنَّ بِحَسَن مَسّاً جره إلى ما هو فيه من أمور لا يسعنا إلا أن ندعو له بالشفاء منها.
– ومع تقدير علة الفتى ومرضه وشذوذه.
– من العيب ترك الكلاب تعتقد لمجرد نباحها أنها قوية وترهبنا.
– بعض السفهاء لا يفهمون السكوت عن سفاهتهم الفهم الصحيح.
– يكتب على جداره الفيسبوكي صراخا ونعيقا مضحكين.
– حرارة مست رأس الرجل ومختلف أطراف جسده من أخمص القدم حتى أعلى “الرزة” التي يضعها على رأسه.
– جعلته يهذي بما لا يفهم..
– من يسيء إلى الإسلام حقاً أيها الأخرق..؟
– فكر في جواب ما إن كان لك عقل تفكر به، وإن كنا نشك في الأمر بشكل جد أكيد.
– تكفيري يسب الناس أينما حل وارتحل باسم هذا الدين العظيم”. انتهى كلام لغزيوي.
ثم بعد هذا السباب المقذع الذي تعتبره “الأحداث” صحافة ومهنية؛ يقف مديرها واعظا للشيخ حسن متهما إياه بـ:”التكفير والقذف بالكلام الفاحش البعيد تماماً عن أخلاق المسلم السوي”.
فأية سكيزوفرينيا هذه؛ وأية حماقة هذه؟! وهل هؤلاء يستحقون أن تكون لهم بطائق صحافة وأن يكتبوا في جرائد تدعمها الوزارة الوصية بالمال العام مال المغاربة المسلمين المالكيين؟!
ثم بعد هذا كله، ودون حياء تطالب “الأحداث” النيابة العامة أن تقيم لنا محكمة تفتيش لأننا نهدد سلامة مستخدميها.
وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق عندما قال: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم الطالب.