الأصل في العبادات التوقيف “كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله صلى الهل عليه وسلم فلا تتعبدوا بها”

أصل العبودية: الخضوع والذل، والتعبيد: التذليل، وطريق معبد مذلل..

والعابدة الطاعة وهي أبلغ من العبودية لأن غاية التذلل لا يستحقها إلى من له غاية الإفضال وهو الله جل وعلا. (أنظر بصائر ذوي التمييز 4/9).
وأدق وأجمع ما قيل في تعريف العبادة شرعا ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال: “العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة” (العبودية 38).
وعليه فالعلم بمحبة الله تبارك وتعالى ورضاه لفعل أو قول أو اعتقاد مبني على صحة وصراحة الدليل الشرعي في ذلك.
ومن ثم فكل ما يصدر عن المكلف بقصد التعبد فيجب أن يكون مشروعا مأذونا به لأن “الأصل في بالعبادات التوقيف” (انظر الفتاوي 29/17، وأحكام أهل الذمة 2/715، والقواعد للمقري 1/297، والموافقات 2/207).
والقصد بـ “التوقيف”: “نص الشارع المتعلق ببعض الأمور” (المعجم الوسيط مادة وقف).
قال الناظم:
والأصل في الأشياء حل وامنع عبادة إلا بإذن الشارع
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “العبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع” ( الفتاوي 22/510).
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: “أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ”.
قال ابن الجوزي رحمه الله: “والمعنى ألهم آلهة شرعوا أي: ابتدعوا دينا لم يأذن به الله” (زاد المسير 7/282).
وقال عليه الصلاة والسلام: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” (البخاري ومسلم واللفظ له).
قال الشاطبي رحمه الله: “هذا الحديث عده العلماء ثلث الإسلام لأنه جمع وجوه المخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم، يستوي في ذلك ما كان بدعة أو معصية” (الاعتصام 1/68).
وقال حذيفة رضي الله عنه: “كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تتعبدوا بها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالا، فاتقوا الله يا معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم” (انظر الأمر بالاتباع 62، وأخرج البخاري نحوه رقم 7282).
وعليه ومن خلال ما سبق فإن “العبادات يرجع في صفاتها ومقاديرها إلى الشارع كما يرجع في أصلها إلى الشارع” (اقتضاء الصراط المستقيم 1/279).
فيجب إذن أن يكون العمل المتقرب به إلى الله موافقا للشرع والسنة في ستة أمور وإلا دخله الابتداع والإحداث وهي:
السبب: فإذا تعبد الإنسان لله بعبادة مقرونة بسبب غير شرعي فهي بدعة مردودة على صاحبها، مثل إحياء ليلة السابع والعشرين من رجب بالتهجد بحجة أنها ليلة الإسراء والمعراج، فالتهجد عبادة لكن لما قرن بهذا السبب كان بدعة لكونه بني على سبب لم يثبت شرعا.
الجنس: فإذا تعبد الإنسان لله تعالى بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة، كالتضحية بفرس مثلا لأن الأضاحي لا تكون إلا من جنس بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم).
القدر أو العدد: فلو أراد إنسان أن يزيد صلاة على أنها فريضة أو ركعة في فريضة، فعمله ذلك بدعة مردودة لأنها مخالفة للشرع في القدر أو العدد.
الكيفية: فلو نَكس إنسان الوضوء الصلاة لما صح وضوؤه أو صلاته لأن عمله مخالف للشرع في الكيفية.
الزمان: فلو ضحى إنسان في رجب أو وقف بعرافات في التاسع من ذي القعدة لما صح منه لمخالفته للشرع في الزمان.
المكان: فلو اعتكف إنسان في منزله لا في المسجد، أو وقف بمزدلفة لا عرفات لما صح ذلك منه لمخالفته للشرع في المكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *