تفنيد مزاعم بعض الفرق بأن الصحابة كانوا على مذاهبها

ما تزعمه بعض الفرق المنحرفة عن منهج أهل السنة من أن بعض الصحابة كانوا على مذهبها هو محض باطل وبهتان.
كما زعمت الرافضة أن علياً والحسن والحسين وسلمان والمقداد على مذهبها وهو محض افتراء. وكما زعمت المعتزلة أن ابن عمر والصحابة الذين اعتزلوا الفتنة هم سلفهم وهو كذب.
فإن أولئك الصحابة إنما اعتزلوا الفتنة وهذا يحمد لهم حسب اجتهادهم، أما هؤلاء المعتزلة فقد اعتزلوا أئمة المسلمين -كالحسن البصري- وجماعتهم، وفارقوا السنة والجماعة، وفرق بين اعتزال الفتنة وبين اعتزال أهل الحق.
..وكل فرقة تدعي أن لها سلفاً من الصحابة وهل يكفي مجرد الدعوى؟
إن لكل دعوى حقيقة ولكل نبأ مستقر، فمن هم الذين على منهج الصحابة؟
إنهم على مقتضى الدليل والتحقيق والواقع: السلف الصالح، أهل السنة والجماعة وكتبهم وأقوالهم وأفعالهم ومناهجهم شاهدة بذلك، أما مزاعم أهل الأهواء أنه على السنة فلا دليل عليها والدعوى العارية من الدليل تبقى مجرد أوهام وظنون وأكاذيب.
أما أهل السنة فهم أهل الحق بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (وعليكم بالجماعة)، فلنطبق الموازين العلمية والشرعية والعقلية والتاريخية؛ ولنر من هم مِن طوائف المسلمين أقرب إلى هذا الوصف، أعني الاتصاف بأهل السنة والجماعة؛ وأترك الحكم للقارئ.
وكذلك مزاعم بعض أصحاب الاتجاهات المعاصرة أن بعض الصحابة على مذهبهم، كزعم الاشتراكيين أن أبا ذر كان اشتراكياً، وأن علياً كان متكلماً وكذلك ابن عباس ونحو ذلك… كل ذلك محض كذب وافتراء.
أما ما زعمه أحد المفتونين من المعاصرين من أن الجذور السياسية للخلافات العقدية تبدأ من أحداث السقيفة، وبيعة الصديق، والوصية، وبيعة عمر، والشورى وبيعة عثمان وبيعة علي، وصلح الحسن مع معاوية ونحو ذلك… فهو خطأ وتحامل على الصحابة -رضي الله عنهم-.
وهذه المزاعم هي التي تقوم عليها أصول الرافضة في الإمامة والصحابة، وهي من ذرائعهم الخبيثة لسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل الحاصل خلاف ما ادعاه هذا المفتون وأشياعه من أهل الأهواء والافتراق.. قديماً وحديثاً، إذ الصحابة كانوا كلهم فيما حدث بينهم مجتهدين، وقد عذر بعضهم بعضاً، ولم يفارق أحد منهم السنة والجماعة مع العلم أن منهم المخطئ ومنهم المصيب، وكلهم مأجورون وأجرهم على الله.
قال شيخ الإسلام: (قال محمد بن عبيد حدثنا الحسن -وهو ابن الحكم النخعي- عن رباح بن الحارث، قال: إنا لبوادٍ، وإن ركبتي لتكاد تمس ركبة عمار بن ياسر إذ أقبل رجل فقال: كفر والله أهل الشام، فقال: عمار: لا تقل ذلك، فقبلتنا واحدة، ونبينا واحد، ولكنهم قوم مفتونون فحق علينا قتالهم حتى يرجعوا إلى الحق.
وبه قال ابن يحيى، حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن الحسن بن الحكم عن رباح بن الحارث عن عمار بن ياسر قال: ديننا واحد، وقبلتنا واحدة، ودعوتنا واحدة، ولكنهم قوم بغوا علينا فقاتلناهم.
قال ابن يحيى حدثنا يعلى حدثنا مسعر عن عبد الله بن رباح عن رباح بن الحارث، قال: قال عمار بن ياسر: لا تقولوا: كفر أهل الشام، قولوا: فسقوا، قولوا: ظلموا) منهاج السنة، (5/246).
فلم يحدث -بحمد الله- من الصحابة بدع ولا افتراق؛ فقد زكاهم الله تعالى وأكرم رسوله صلى الله عليه وسلم من أن يكون من صحابته مبتدع أو مفارق. (انظر: حراسة العقيدة، د.ناصر بن عبدالكريم العقل).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *