قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران:134.
وقال تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} المائدة:85.
وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)} المؤمنون:1.
فإن الأخلاق في دين الإسلام عظيم شأنها عالية مكانتها، ولذلك دعا الله سبحانه وتعالى المسلمين إلى التحلي بها وتنميتها في نفوسهم، وهي أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها دين الإسلام، وهي: الإيمان، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات؛ ولذا نالت العناية الفائقة الكبرى والمنزلة العالية الرفيعة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله.
بل إن الأخلاق الكريمة تدعو إليها الفطرة السليمة، والعقلاء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها التكريم والثناء، وأن الكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يذم صاحبها.
والدعوة إلى توحيد الله عز وجل وإخلاص العمل له تحتاج إلى الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة، ويصعب توفر تلك الأخلاق فيمن يفقد الإيمان والتقوى، ورسول الله وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين أفضل من دعا إلى الله تعالى بأخلاقهم الإسلامية الحميدة وصفاتهم الحسنة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال: لبيك»؛ فلذلك أنزل الله عز وجل: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
لذا يجب علينا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه، ومن ذلك حسن الخلق.
عن النواس بن سمعان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر، فقال: «حسن الخلق»، فقال: ما الإثم؟ قال: «ما حاك في نفسك وكرهت أن يعلمه الناس».
عن عبد الله بن عمرو قال: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا؛ وكان يقول: «خياركم أحسنكم أخلاقا».
عن أم الدرداء قالت: «قام أبو الدرداء ليلة يصلي، فجعل يبكي ويقول: اللهم أحسنت خلقي فحسن خلقي، حتى أصبح؛ قلت: يا أبا الدرداء، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق؟ فقال: يا أم الدرداء، إن العبد المسلم يحسن خلقه، حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسيء خلقه، حتى يدخله سوء خلقه النار، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم؛ قلت: يا أبا الدرداء، كيف يغفر له وهو نائم؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيجتهد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه».
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ؛ وَنَقَلَ أَيْضاً: أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْه.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: حُسْنُ الْخُلُقِ اخْتِيَارُ الْفَضَائِلِ وَتَرْكُ الرَّذَائِلِ.
وَعَنْ أَبِي الدرداء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.